No Script

أصبوحة

الكتابة في زمن «كورونا»

تصغير
تكبير

أرجو ألا يندفع بعض كتابنا الشباب، للكتابة الإبداعية وبالأخص الروائية عن فيروس كورونا، أو عن الحياة في ظل هذه الجائحة، من أجل السبق أو الموضة أو غيرهما، سواء بحسن نية أم غير ذلك.
إن الكتابة عن أي حدث تتطلّب الابتعاد عنه مسافة، قد تختلف من كاتب إلى آخر، أي الابتعاد عن سخونة الحدث واستيعابه وهضمه، لكي يخرج العمل ناضجاً على نار هادئة، فالكتابة الروائية ليست تقريراً حول الحدث، بل هي إعادة كتابة أو تشكيل للواقع، هذا إن لم تكن تندرج تحت الخيال العلمي.
إن الكتابة المتهافتة تشبه الأشياء التي تستخدم لمرة واحدة، ثم يتم إلقاؤها في سلة المهملات، لكن الكتابة الإبداعية المستندة على الخبرة الذهنية، ورؤية بعد تشكل الواقع لا رؤيته وهو قيد التشكل، هي ما تعطي النضج للأعمال الإبداعية.
فالروايات العظيمة التي عكست أحداثاً كبيرة، كرواية «وداعاً للسلاح» لهمنغواي و«عناقيد الغضب» لجون شتاينبك و«الحرب والسلم» لتولستوي، ستظلّ خالدة بعد أن أصبحت سجلاً رائعاً ومتصوراً لهذه الأحداث، إذ إن أفضل سجل للتاريخ وأكثر حفظاً له هو الفن والأدب.
فالإبداع هو ليس تسجيلاً للواقع، بل هو إعادة صياغة للواقع أو عكسه بصورة فنية، فالتسجيل هو من اختصاص الدارسين المختصين في المجالات المختلفة، وقد يأخذ الكاتب فكرة ويبني عليها ما يتوقعه، لكن الأمر يحتاج إلى تأن ورؤية قد لا تكون واقعية. من قبل ظهرت روايات تتحدث عن وباء بل واسمه «كورونا»، تتحدث عن ضحايا بالملايين، وانتشار في العالم أجمع، وهناك رواية تتحدث عن صنع الوباء في الصين في مدينة ووهان بالتحديد، لكن الرواية ليست مبنية أو مستندة على واقع، بل يمكن اعتبارها من الخيال العلمي، وبالخيال العلمي يمكن تخيل أي شيء، يكون مدعماً بفكرة واقعية أو غير واقعية، لكن المهم فيها هو خيال المؤلف.
إن حدثاً كبيراً مثل انتشار وباء كورونا، هو حدث لا بد وأن يترك تأثيره على الإبداع، لكننا ما زلنا في وسط الحدث، ولا أحد يعرف من أين جاء ولا كيف سينتهي، سوى من التقارير التي في معظمها خاضعة للسياسة وللتكهنات، فصبراً أيها الكاتب لأن الفكرة ستأتي وستكتمل عملية الولادة.

Osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي