هذا أنا / «على المسرح أولد من جديد»
سمر كمّوج لـ «الراي»: أفضّل حياتي بعد الشهرة
سنوات العمر تمضي، ومعها يكبر ذلك الطفل الذي خزّن في داخله الكثير من قَصاصات الذكريات المليئة بأفراح وأحزان... آمال وآلام.
وقفةٌ أمام المرآة في الكِبر، قد تعيد ذلك الطفل الصغير، أو قد تكشف الوجه الآخَر الذي يُخْفيه صاحبُه عن محيطه الخاص والعام... قد تنطلق محادثة مع الذات، يحاورها، يتأملها، يلومها في بعض الأحيان وفي أخرى يكافئها... ليقول في النهاية «هذا أنا» أو «لست أنا».
«الراي»، منحت الفنانين الفرصة للوقوف أمام المرآة والانطلاق بالبوح بكل ما يجول في خاطرهم والغوص داخل أعماق النفس. فماذا تقول الفنانة سمر كمّوج؟
• عندما تقفين أمام المرآة مَن ترين أولاً، الفنانة أم الطفلة التي كبرتْ وأصبحت ما عليه الآن؟
- أشاهد طفولتي وأستعيد أيامها ولا أشاهد الفنانة وماذا حققتُ وكيف ينظر إليّ الناس ويعاملونني.
• عادةً، ماذا تتحدثين مع نفسك؟
- عن الأشياء التي حقّقتُها وأين أصبحتْ وهل أنا مقتنعة بما حققتُه وهل أنا نادمة أم سعيدة وهل ما أنا عليه يكفيني. أحاسب نفسي وأحاول أن أعرف أين أخطأتُ وأفكر إلى أين يمكن أن أصل مستقبلاً وهل يجب أن أكمل على نفس الخط أم يجب أن أتراجع أو أمضي إلى الأمام.
• على ماذا ندمتِ في مسيرتك الفنية؟
- أكبر ندم عشتُه في حياتي، ويومها لم يكن أمامي حلّ آخَر، عندما شاركتُ في «ستوديو الفن» وأصرّ سيمون أسمر على أن أوقّع معه عقداً فنياً كي يتبنّاني ويتابعني، لكن والدي رفض مع أن المُخْرِج الراحل كان يتّصل به يومياً من أجل إقناعه، لكن والدي كان يريد أن أدخل الجامعة وأكمل دراستي. ربما لو وقّعتُ يومها معه، لكنتُ حققتُ شيئاً لم أتمكن من تحقيقه خلال مسيرتي الفنية. وأذكر أنني عندما التقيتُ سيمون أسمر بعد 15 عاماً خلال اجتماعٍ معه ومع (رئيس مجلس إدارة محطة LBCI) بيار الضاهر، قال لي «ألم تشعري بالندم لأنك لم توقّعي عقداً فنياً معي»، قبل أن يتوجّه إلى الضاهر قائلاً «لو لم يقف والدها في دربها لكنتُ صنعتُ منها أهمّ نجمة عربية». هذه المسألة لا تُفارِق تفكيري لأن أسمر رحمه الله كان صانع النجوم في تلك المرحلة.
الندَم الآخَر هو معروفي مع أناس لا يستحقون، خصوصاً في بداياتي عندما تعاملتُ مع عدة أشخاص في المجال الموسيقي ما لبثوا أن طعنوني. كنتُ أعطي أولوية لغيري أكثر من نفسي، ولكن تبيّن لي أنهم لا يستحقون.
• عندما تلتقين بأصدقاء الطفولة، هل تنسين معهم أنك فنانة مشهورة؟
- طبعاً، لأنني كنتُ مثلهم في طفولتي ولم أبتعد عنهم حين وصلتُ إلى مرحلة الشهرة والنجاح. عادةً لا نتحدث في أمور الفن، بل عن أيام الدراسة والمشاريع التي كنا نقوم بها معاً.
• كل إنسان أخطأ في حياته خلال مرحلة الطفولة أو الشباب وفعل أموراً طائشة. هل تخافين أن يتحدث بها أحدٌ ما اليوم أمام الآخَرين؟
- النظرة إلى الحياة تختلف بين اليوم والأمس، ولكنني لا أخاف من شيء لأنني لم أرتكب حماقات شنيعة، بل أعتبر أن طفولتي كانت بريئة وجميلة جداً والحمد لله، لم أقع في أخطاء وكنتُ محميةً وكان المحيطون بي يخافون عليّ لأنني كنتُ بريئة جداً. لا أخاف أبداً أن يتحدّث الآخَرون عن طفولتي، بل أشعر بالسعادة عندما يفعل ذلك مَن يعرفون عنها وعن حياتي ومسيرتي وهضامتي وحركاتي في الصف.
• ما الشيء الذي تحبّين القيام به، لكن كونك فنانة لا تستطيعين ذلك؟
- هناك أمور أحب القيام بها، وما يمنعني عنها هو كوني معروفة، لأنه يجب أن ألتزم بالنظرة التي كوّنها الناس عني. مثلاً، أحب أن «أجنّ» وأن أصرخ بصوت عالٍ أو أن أرتدي ملابس معينة، ولكنني أتراجع لكوني فنانة. إلا أنني في الوقت نفسه لا أتغيّر أمام الناس، وما أفعله أقوم به أمام الناس وبعيداً عنهم.
• أي حياة تشعرين بأنها أفضل... ما قبل الشهرة أم بعدها؟
- سعيدة بما وصلتُ إليه وبتقدير الناس لي. لا أحب أن أمرّ مرور الكرام، بل أحب أن أكون محط انتباه الآخرين. الشهرة تُفْرِحُني وتُشْعِرُني بأنني مكتفية وممتلئة. لذا أفضّل حياتي بعد الشهرة أكثر.
• متى قلتِ «ليْتني لم أدخل المجال الفني»؟
- أردد هذه العبارة دائماً، خصوصاً عندما أرى فنانين لا يملكون مستوى بالصوت والأداء والفكر يحقّقون نجومية كبيرة ويكونون محلّ تقدير من الناس ويعملون بوفرة، في حين أن الفنانين الذين هم مثلي يجلسون في بيوتهم. لم أنل حقي كما أستحقّ، لأن الفن فيه أشواك ولأنه لا يوجد لديّ مدير أعمال بل أتولى إدارة أعمالي بمفردي، ولذا أقول ليتني لم أدخل الفن بل عملتُ في مهنة أخرى، لأنني أصل أحياناً إلى مرحلة أشعر بأنني لا أستطيع أن أفرّغ طاقاتي الفنية، وأتعب نفسياً.
• متى شعرتِ بأن الفن أنْقذك من شيء سيئ؟
- عملي في الفن وفي التلفزيون عرّف الناس عليّ أكثر وجعلهم يقدّرونني ويُعجَبون بي. والفن أنْقذني من أشياء ليست سيئة، بل سهّل عليّ بعض الأمور البسيطة مثل إنجاز معاملات في دوائر رسمية من دون الحاجة إلى عذاب الانتظار الطويل.
• ما موقفك في حال كنتِ في مكان ما، ولم يتعرّف عليك أحد؟
• أحياناً أفرح كثيراً عندما لا يتعرّف عليّ أحد، وأحياناً أخرى يقول لي البعض أنتِ تشبهين سمر كمّوج، فأضحك وأدّعي أنني لا أعرفها أو أقول الحقيقة، بحسب مزاجي.
• في العادة، كيف تكافئين نفسك؟
- أحب الفرح، وأكافئ نفسي به وبتواجدي بين أهلي وعائلتي والناس الذين أحبّهم، وأيضاً من خلال القيام بالتسوّق لأنني أحبه كثيراً وأقوم به أيضاً عندما أكون حزينة.
• وفي المقابل، كيف توبّخين نفسك إن أخطأتِ؟
- عندما تحصل أشياء تكون نتيجتها غير جيدة أصرف النظر عنها ولا أعود إليها ولا أعطيها فرصة ثانية. أنا من النوع الذي لا يعطي فرصاً في حياته ولا أسامح لأن مَن يخطئ مرة معي يمكن أن يكررها. وأوبّخ نفسي بالقول «الحق عليّ لأنني وثقتُ بهم». لم أعد أثق بكل الناس، بل صرتُ أخاف وأشكّ كثيراً بعدما تعرّضتُ لخيانات من أصدقاء فصرتُ أكثر حذراً.
• ما الذي تَغيّر في شخصيتك مع مَن هم حولك بعد دخول الفن؟
- صرتُ أكثر خبرة ونضجاً لأن النجاح والشهرة يجعلان الدائرة التي تحيط بالفنان كبيرة. شخصياً لم أتغيّر وكل مَن يعرفونني قبل الشهرة وبعدها يقولون لي: لم تتغيري، وحتى لو وصلتُ إلى أقصى درجات النجاح تبقى قدماي راسختيْن على الأرض.
• متى تنسين أنك فنانة؟
- لا أنسى أنني فنانة، ولكن مع زوجي وعائلتي وأهلي وأقاربي لا أتغير وأشعر بأنني كما كنتُ وأنا صغيرة. كما أنني لا أتغيّر مع أصدقائي والمحبّين والفانز ولا أحب الحرَكات و«البوزات».
• هل تشعرين أحياناً بانفصام في الشخصية بين شخصيتك الحقيقية والفنية؟
- عندما تكون لديّ حفلة على المسرح أشعر بالتعصيب بسبب الترتيبات والتحضيرات لأنني أتابع كل التفاصيل شخصياً، وهذا الأمر يُتْعِبُني ويُرْهِقُني كثيراً، ولذا يَقْلَقُ أهلي والقريبون مني ويقولون كيف يمكن أن أعتلي المسرح وأنا في مثل هذه الحالة، ولكن بمجرّد أن أقف على المسرح أتخلّص من شخصيتي القلِقة والمتوتّرة وأولد من جديد، وهذا ما أعتبره انفصاماً في الشخصية، فلا يصدّق القريبون مدى قدرتي على السيطرة على أعصابي وزعلي والغناء وكأن شيئاً لم يحصل.