التنوع في اللهجات... ضاعف من جرعة المتعة للمشاهد

«رحى الأيام»... يكسب الرهان في ملحمة الدراما التراثية

تصغير
تكبير

شارف المسلسل التراثي «رحى الأيام» على الانتهاء، وقبل أن يُسدل الستار على الموسم الدرامي لشهر رمضان، نجح فريق المسلسل في كسب الرهان وحسم الملحمة التراثية في وقت مبكر للغاية، محققاً نسبة مرتفعة جداً من المشاهدات على شاشات التلفزة.
المسلسل حقق منذ عرض حلقاته الأولى نجاحاً لافتاً، ليس في الكويت وحسب، بل في دول الخليج كافة، باعتباره يؤرخ ويكشف جانباً مهماً في تاريخ المنطقة والكويت والهجرات القادمة إليها من دول الجوار في أوائل القرن الماضي وحتى الستينات، وكيف انصهر الجميع في بوتقة الكويت وحب الوطن محققين نسيجاً واحداً في الشدائد رغم الخلفيات الثقافية والاجتماعية وما تضفيه من ثراء وتنوع.
ما دعم العمل وجعله ينفذ إلى قلب وعقل المشاهد العديد من العناصر، في مقدمها الرؤية الإبداعية للمخرج حمد النوري الذي تولى الإخراج للمرة الأولى من خلال هذا المسلسل، بعد سلسلة من المشاركات المهمة كمخرج منفذ، مستعيناً بمواقع التصوير التي تعج بالحياة وبالديكورات والإكسسوارات العتيقة والملابس التي تعبر بقوة عن طبيعة المرحلة الزمنية، خصوصاً بين النساء اللاتي حرصن على الستر والاحتشام، فلا تخرج من بيتها بدون «البوشية» ما يؤكد المبادئ المحافظة لشعب الكويت.


وما كان لهذا النجاح أن يرى شعاعاً من النجاح، لولا القاعدة التي ارتكز عليها، والمتمثلة بالقصة، التي نسج خيوطها الكاتب مشاري حمود العميري، حيث قدم سرداً تاريخياً متقناً، واضعاً خلاصة تجربته الفنية في عمل بهذا الحجم، استعان خلاله بجملة من المراجع التاريخية المهمة التي توثق لتاريخ المنطقة والكويت.
إلى جانب ذلك، كان المشاهد على موعد مع باقة من نجوم الكويت والخليج الذين أضافوا للعمل وأضفوا عليه من خبراتهم وإيمانهم بأهميته في إعلاء روح المواطن واعتزازه بوطنه من خلال استعراض التاريخ المشرف للأجداد وأخلاقهم النبيلة ومعاملاتهم الطيبة فكان العمل بمثابة جرعة يومية من المحبة والانتماء والفخر بالآباء وما زرعوه في النفوس من مبادئ الترابط الأسري والصداقة والتعاون وتجاوز التجار عن المعسرين وتقديم الصدقات، ما جعل «رحى الأيام» عملاً عائلياً يجتمع حوله أفراد الأسرة من آباء وأجداد وأحفاد في مشهد غاب عن البيوت لسنوات.
وما يزيد جرعة المتعة للمشاهد الخليجي هو التنوع في لهجات منطقة الخليج العربي من نجدية وزبيرية وقصيمية وكويتية أصيلة، وما حدث بينها من مزج أنتج لهجة معاصرة ذات أصول عريقة تستحق الإضاءة.
وجاء أداء الفنانين السلس والديكورات البسيطة والعتيقة والربط الهادئ بين الأحداث والانتقال بنعومة من مشهد إلى آخر، فضلاً عمّا يبثه المسلسل من قيم الاحترام بين الزوجين والمحبة بين الأصدقاء والتسامح بين الغني والفقير، لتعيد إلى الأذهان ملامح الفن الراقي.
كما استحوذ الطفل الفنان أحمد بن حسين على محبة الجمهور منذ إطلالته الأولى مجسداً دور بطل العمل «عزيز النجدي» حيث أتقن وأبدع، رغم صغر سنه الذي لا يتجاوز 11 ربيعاً. أما الفنان السعودي المتمكن ماجد مطرب، فقد التقط خيوط الشخصية من أنامل حسين مجسداً عزيز في الكبر بشكل أبهر الجمهور بشخصية عزيز طفلاً ورجلاً وكأنهما شخص واحد، موهوب منذ الصغر، وفنان متمكن من أدواته في الكبر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي