واضح

في الكويت هل سينتهي عصر الصحافة الورقية؟

تصغير
تكبير

الجواب على هذا السؤال بلا شك يجب أن يكون: لا، ليس من المفروض أن ينتهي عصر تلك المؤسسات التي كانت وما زالت تصنع الخبر، قد ينتهي عصر الورق فيها، لكن واقع الحال يقول إن هذه المؤسسات الصحافية التي كانت - وما زالت - تنتجه ورقياً بقيت هي الملاذ الآمن للخبر بعيداً عن فوضاه التي نعانيها.
تعالوا نشرّح جسد المشكلة لتستبان الحقيقة بعيداً عن التنظير، وكما تحكيها النتائج لا المناهج والرؤى، منذ الستينات والقوى السياسية الوطنية في الكويت تطحن طحناً ضد الحكومة مطالبةً بفتح باب تراخيص الصحف اليومية وأحقية المواطنين بإصدارها من دون قيود مفروضة لا يمكن التظلم منها أو الطعن عليها، وكانت هذه المناداة إحدى المواد الدسمة لكل البرامج الانتخابية على مدار هذه السنين، وكانت أيضا أحد المآخذ على الحكومة، ثم جاء القانون ليتيح للراغبين إصدار الصحف اليومية، ثم كان ماذا؟ أين هي تلك الصحف التي صدرت وأخذت مكانها في قوام الصحافة المهنية؟ بلا شك أن هناك من أثبت وجوده في هذا المجال، لكن قارن أعداد الصحف التي صدرت والصحف التي يمكن أن تنجح في اختبار المهنية والاستمرارية! الحل ذاته عندما انفتح علينا باب الفضاء التلفزيوني وأتيح إنشاء القنوات الفضائية، ماهو عدد القنوات التي أثبتت مهنيتها ووجودها في هذا الفضاء؟ الجواب معروف ولا يحتاج لبيان.
قد يقول قائل إن السماح بإصدار الصحف وإنشاء القنوات جاء في وقت ثورة المواقع الإلكترونية فأخذت هذه مكان تلك، طيب ممتاز... السؤال الذي بعده رداً على هذا القول: هل هناك منصات أو مواقع إخبارية وصحافية استطاعت أن تكون صانعة خبر؟ هناك مئات من هذه المواقع والصحف الإلكترونية، لكن شواهد الحال تقول إنها مواقع في عمومها الأغلب تلعب في الملعب الخلفي للصحافة المفروضة، وتعتمد على خاصية «النسخ واللصق» فقط، هذا جلّ عملها!


في الكويت هناك زحمة في التجمعات والتكتلات السياسية، أعداد كبيرة نعرف بعضها ونجهل الكثير منها لكنها موجودة ولها مسميات وأعضاء أيضاً، ومع هذه الزحمة هناك ندرة أو قل انعداما لأي منصة إخبارية أو تحليلية، عجزت كل هذه القوى والتجمعات السياسية في الكويت عن إنشاء موقع الكتروني واحد، يكون منصة إخبارية موثوقة يرجع إليها المجتمع وتطرح فيها هذه القوى رؤاها بالأحداث!
القوى السياسية مولعة بالعمل السهل أنتج أم لم ينتج لا فرق، المهم هو التواجد اللحظي على ذاكرة المجتمع سريعة النسيان، هي لا تجيد ولا ترغب في العمل المؤسسي الذي ينتج ويوجه لأنه صعب، لذلك تتجنب إنشاء موقع إلكتروني مهني يقوم بواجب التوجيه مع سهولة الأمر مادياً واتاحته عملياً لكنه صعب مهنياً، واتجهت إلى قيام ندوة هنا أو محاضرة هناك وتجمع في ساحة، وهذا جلّ عملها مع أنها تسعى جاهدة للتواجد على الساحة الشعبية والطلابية والنقابية إلا أن هذا السعي بقي رهين الإيدلوجيات القديمة.
هناك صحف ورقية عالمية اليوم - إضافة إلى التواجد الرقمي - انتهجت نهجاً جديداً وأظنه مناسباً جداً لصحافتنا، هذه الصحف اعتمدت في نسختها الورقية - التي تغدو إلكترونية بعد ساعات لا على السبق الخبري بل على تحليل أهم الأخبار التي حدثت أمس، وقراءتها قراءة تحليلية لتكون مرجعا للمهتمين من المجتمع، فتجد في الصفحة الأولى لتلك الصحف قراءة تحليلية لأهم الأحداث، لأن هذه الصحف نقلت في مواقعها الإلكترونية وقوع الحدث وغطت تطوراته قبل ساعات من صدور النسخة الورقية، وأصبحت مثل هذه الصحف مرجعاً لكل باحث ومهتم لمعرفة «ما وراء الخبر».
في النهاية وعوداً إلى سؤالنا... في الكويت ظلت المؤسسات الصحافية الكبرى هي المصدر الآمن للخبر ورقية كانت أم الكترونية، وكشف هذا الزحام الإلكتروني عن «زبد» لا مهنية له في الأغلب.

@lawyermodalsbti

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي