No Script

إضاءة للمستقبل

مهران ناصري وصالح الملا

تصغير
تكبير

مهران صاحب قصة إنسانية غريبة حدثت في أعتى الدول الأوروبية، التي تتغنى بحقوق الإنسان وترفع شعارات العدالة والمساواة، فصول قصته حدثت في مطار شارل ديغول في فرنسا وهي قصة أغرب للخيال!
مهران درس الاقتصاد في بريطانيا، ولما حدثت الثورة على شاه إيران رجع إلى طهران ليشارك أبناء وطنه هذه الثورة، وبعد سقوط الشاه لم يقف مهران عند هذا الحد بل كانت له مطالبات كثيرة لتغيير الأوضاع في إيران، حتى سُجن وعذّب وطلبت منه السلطات الإيرانية وقتها مغادرة إيران، فسافر إلى أوروبا للحصول على اللجوء السياسي، ولما وصل إلى بريطانيا بحكم دراسته فيها لم توافق السلطات البريطانية على أعطائه اللجوء وكذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا، حتى جاءت الموافقة من بلجيكا ولما استقرت أموره هناك بعد ست سنوات قرر السفر إلى بريطانيا لمعرفته بها كثيراً، وفعلاً ذهب بالقطار إلى فرنسا ليسافر منها إلى بريطانيا جواً وعند وصوله إلى لندن اختفت شنطته التي تحوي جميع أوراقه الثبوتية، وعندها قررت بريطانيا إرجاعه إلى باريس وعند عودته لمطار شارل ديغول قررت السلطات الفرنسية احتجازه في المطار، وقد جلس مهران قرابة 18 عاماً في المطار، وقد استغل زاوية في المطار لتكون سكنا له وصار يمارس حياته اليومية داخل المطار في النهار وفي الليل يقوم بكتابة مذكراته اليومية، حتى جاء إليه كاتب بريطاني وجلس معه، وبعد سماع قصته صُدم هذا البريطاني لما سمعه وقال لمهران: هل تمانع أن أخذ مذكراتك وأعيد صياغتها في كتاب؟ فوافق مهران وفعلاً خرج الكتاب بعنوان (the terminal man)، وفي عام 2004 تحول هذا الكتاب إلى فيلم قام ببطولته الممثل توم هانكس، وأخذ هذا الفيلم شعبية كبيرة لما يتمتع به من قصة حقيقية.
بعد هذه السنوات الـ18 التي قضاها مهران في المطار ساءت حالته وتحديداً في عام 2006، فخرج إلى المستشفى وتبنت قضيته إحدى الجمعيات الخيرية، وبعد ذلك ذهب مهران إلى مأوى للاجئين في فرنسا.


أما السيد صالح الملا، الذي درس الاقتصاد في جامعة الكويت، ولكنه لم يعش قصة مهران أبداً، بل على النقيض عندما تخرج بومحمد، تم تعيينه في مؤسسة البترول الكويتية وعاش حياة مرفهة... حتى أنه عمل في السلك الديبلوماسي سنتين!
وبعدها دخل الملا إلى المعترك السياسي وصار نائباً في مجلس الأمة، وكانت له صولات وجولات حسب (الروشتة) التي يتبناها المنبر الديموقراطي أو حتى التحالف الوطني، وهو رجل يؤمن بالعمل الجماعي لأنه ليبرالي بامتياز.
اليوم الملا يريد العيش في ساحة الإرادة، بدلاً من مطار شارل ديغول، حتى يوصل رسائله إلى الحكومة والمجلس بأن البلد وصل إلى مرحلة خطيرة من الفساد عبر فيلم (بس - مصخت).
وكم أتمنى أن يقول بتمثيل هذا الفيلم الممثل طارق العلي لما يتمتع به من خفة دم وعدم وجود رسالة إعلامية!
الرفاهية والترف لا يمكن أن يصنعا ثورة أو حتى رسالة بسيطة، كما أن الدول الغنية - في الغالب الأعم - شعوبها لا تهتم بالمطالبات الدستورية لما تتمتع به من أمن وأمان وعيش رغيد.
عزيزي صالح الملا، لا يختلف اثنان في مطالبك وكلها مطالب حقة ومشروعة، لأننا صرنا في وضع مأسوي تسير به الدولة، إلا أن مطالبك جاءت متأخرة جداً.
هل بعد مسرح عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وخالد النفيسي وعبدالله الحبيل، نتشوق في الذهاب إلى ما يشبه المسرحيات هذا الوقت؟
... وفهمك كفاية يا بو محمد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي