ألوان
«الوعد»...
قدّم المخرج شون بن مع المؤلف فريدريش دورينمات والممثل جاك نيكلسون قصة درامية حيث الجريمة الغامضة، ومنح البطل نيكلسون مساحة كبيرة من الفيلم وعنوانه «الوعد» من دون مبالغة من حيث مراعاة عمره، وإن كان قد ظهر بلياقة عالية في الفيلم مقارنة بعمره، فهو من مواليد منتصف الثلاثينات من القرن الماضي.
ويشارك معه مجموعة من الممثلين أبرزهم بينيشيو ديل من بورتوريكو الحاصل على أكثر من جائزة كأفضل ممثل منها جوائز عدة مثل البافتا والغولدن غلوب ونقابة ممثلي الشاشة وميكي رورك وروبين رايت، والانكليزيتين هيلين ميرين وفانيسا رديغرف وارون ايكهارت وسام شيبارد باتريشيا.
وتدور قصة الفيلم حول شخصية جيري «نيكلسون» في ليلة تقاعده باعتباره عمدة ولاية نيفادا، حيث يتعهد جيري بلاك إلى والدة فتاة تم قتلها بأن يجد القاتل لأنه كان على قناعة بأن الشخص الذي قبضت عليه الشرطة ليس القاتل الحقيقي، ورغم تقاعده إلا أنه يمارس عمله كرجل أمن لأنه قدم وعداً لوالدة الفتاة الضحية فيمر بمراحل عدة أثناء التحقيق، ليكتشف أن تلك الجريمة هي ثالث جريمة تحدث في المنطقة لفتيات بالمواصفات نفسها كونهن شقراوات وفي العمر البريء نفسه.
وكي يقوم بعمله بصورة مناسبة يقوم بشراء محطة بنزين قديمة في الجبال، بالقرب من المنطقة التي تحدث بها الجرائم حتى يستطيع بخبرته البحث عن رجل طويل يطلق على نفسه لقب «الساحر».
وغير ذلك فانه أثناء بحثه عن المجرم يجد نفسه متدخلاً في حادث عنف أسري حيث تعرف على امرأة لديها طفلة وتعمل نادلة، حيث اتته مساء مع ابنتها وعليها آثار عنف فعرض عليها أن تعيش معه، حيث إن بيته كبير كما طلب منها أن تترك العمل كنادلة، وتساعده في إدارة محطة البنزين، مما منحه الوقت الكافي للتحرك في عملية البحث عن القاتل إلى أن يكتشفه ويتم القبض عليه، رغم أن والدته حاولت التستر عليه مع علمها بما يقوم، فقد كان يغطي جرائمه بالتعاون مع القسيس في الكنيسة، بقيامه ببعض الأعمال الخيرية، خلالها يتعرف على فتيات المنطقة الصغيرات ثم يبدأ في وضع خطة لاستدراجهن ثم قتلهن.
ان من يشاهد الفيلم يتابع الأداء الرائع للممثل جاك نيكلسون، فهو صاحب خبرة طويلة في التمثيل تمتد إلى أكثر من ستين عاماً، لكنه يتمتع بحيوية كبيرة جعلته بطلاً ومحور ارتكاز الفيلم بكل تفاصيله، إضافة إلى أنه مخرج ومنتج سينمائي، كما أنه سبق وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة الاوسكار في عامي 1976م و 1998م.
وليس ذلك وحسب فإن فريق عمله من الممثلين تم اختيارهم بعناية فائقة، مهما كانت تكلفة الإنتاج خصوصاً بالنسبة للممثلة الانكليزية فانيسا رديغريف، فهي من جيله وممثلة مسرحية وسينمائية سبق وأن حصلت على جائزة الأوسكار وتنتمي إلى أسرة فنية بالفطرة، كون والدها ووالدتها وجدها وشقيقها وشقيقتها يمارسون التمثيل، وكذلك الممثلة البريطانية هيلين ميرين التي حصلت على جائزة الاوسكار في عام 2006م، كما حصلت على جوائز فنية أخرى وهي عضوة في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم.
وأهم ما يميز المخرج أنه ممثل وترعرع في عائلة فنية، فوالده مخرج وأمه ممثلة، كما أنه وجد فرصة ذهبية عندما عمل مع المخرج العالمي كلينت ايستوود كممثل، فحصل على جائزة الأوسكار عن دوره في فيلم نهر غامض.
إن السينما صناعة متكاملة بدءاً من النص المميز مروراً بطاقم محترف من ممثلين ومصورين، وانتهاء بمخرج يمتلك أدوات إبداعية، يجيد بها قيادة فريق العمل لإظهار الفيلم بصورة مثالية، وهذا ما توافر في هذا الفيلم الممتع حيث لاحظت أنه خال من الزيادات التي لا داعي لها، والتي تعاني منها السينما والمسلسلات العربية، بهدف التسويق كون المسلسل لا بد أن تكون مدته خمسا وأربعين دقيقة أو ساعة كاملة كي يعرض في شهر رمضان المبارك، وبالتالي فإن الحشو حاضر في أعمالنا الفنية.
* كاتب وفنان تشكيلي