ما في خاطري
زلة لسان
«لست أعرف السبيل الذي يتخذه الآخرون، أما بالنسبة لي فـ(اعطني الحرية أو الموت)»، مقولة قالها باتريك هنري أثناء حرب الاستقلال الأميركية وأثارت هذه الكلمات عاصفة مشتعلة أطلقت العنان لحرب الاستقلال الأميركية، فهنري اختار الوقت المناسب والكلمات المناسبة التي وجهها للمندوبين فغيرت القناعات والعواطف والافعال، فأصبحت هذه المقولة خالدة حتى يومنا هذا.
فالكلمات لها أثر كبير على الإنسان، وفي مقالي هذا سأتناول هذا الموضوع من منظورين مختلفين الأول هو استخدام الكلمات في التأثير على الآخرين، والآخر هو استخدام الكلمات للتأثير الشخصي، فالكلمات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعواطف، فهي قادرة على تغير مشاعرنا ومشاعر من حولنا، فأحياناً كلمة طيبة تسمعها من أحدهم قد تصنع بها يومك، وأحياناً أخرى قد تسمع كلمة سيئة فتجعلك تتفكر بها وتشعر بالاستياء وقد يتأثر بها يومك كله.
فاستخدامنا الخاطئ لبعض الكلمات، التي نصف بها بعض الأمور، قد تكون سبباً في تغيّر حالتنا النفسية، فعلى سبيل المثال حين تسأل أحد الأشخاص عن حالته النفسية بعدما انتظر فترة طويلة في أحد المطارات، سيصف لك الموقف ويقول: «إن كرامتنا تم إهانتها وشعرنا بالذل لأننا انتظرنا كثيراً»، لاحظ عزيزي القارئ كلمات قاسية وألفاظ حادة تجعلك تغضب أكثر وتفكر جدياً في استخدام يدك في سبيل استعادة كرامتك ورفع الذل الذي شعرت به، بسبب هذا الموقف!
ولكن في الحقيقة هذا الشعور كان نابعاً من الاستخدام الخاطئ لبعض الألفاظ التي اختارها هذا الشخص لوصف الموقف! فماذا لو وصف الموقف بألفاظ أخرى مثلا: «إني شعرت بعدم الراحة بسبب الزحام»! حينها لن يشعر هذا الشخص بالغضب وستكتفي حالته النفسية بعدم الارتياح الموقت، ولذلك أثبتت دراسة في أحد السجون الأميركية قبل سنوات - والتي تحدثت عن الحالة النفسية للسجين وما هو سبب استخدام بعضهم للعنف الجسدي عند تعرضهم لعواطف سلبية - فوجدوا أن السبب يرجع إلى أن هؤلاء المساجين لا يملكون حصيلة لغوية كبيرة فيفرغون ما في داخلهم عن طريق الضرب أو الصراخ، أما الإنسان الذي يمتلك حصيلة لغوية كبيرة وينتقي كلماته، قادر على وصف حالته العاطفية والنفسية بشكل آخر، مما يؤدي إلى تغير حالته المزاجية إلى الأفضل.
ولهذا يقول رب العالمين: (وقولوا للناس حسنا) ورسولنا الكريم يقول: (الكلمة الطيبة صدقة)، فاختيار الكلمات والألفاظ الطيبة والحسنة سبب في تغير الحالة النفسية والمزاجية للفرد، وسبب في كسب قلوب الآخرين فإن أسأت استخدامها و(زل لسانك)، فستلاحظ أن حالتك النفسية قد تأثرت، وخلقت عداوات مع الآخرين، وهنا أتذكر عبارة والدي حفظه الله، والتي كان يرددها عليّ ويطلب مني حفظها وأنا في العاشرة من عمري وهي: (لسانك حصانك إذا صنته صانك وإذا خنته خانك)، وعندما كبرت استشعرت أثر هذه العبارة، والتي قد تكون سبباً في كسب قلوب الآخرين وفي التحكم في الحالة النفسية.
* كاتب كويتي
Twitter: @Alessa_815