No Script

خواطر قلم

أطفال السوشيال ميديا... والوالدية الرأسمالية!

تصغير
تكبير

هذا المقال الثالث والأخير عن الجناية الاجتماعية في انتهاك حقوق الأطفال، عبر استغلالهم في السوشيال ميديا.
كان المقال الأول بعنوان «آباء وأمهات يقذفون أطفالهم في محرقة الشهرة»، والثاني بعنوان «أطفال السوشيال ميديا مخلوقات للبيع»، وكنت أود الحديث اليوم عن ما يطرحه البعض من وجود شبهة جريمة استغلال للطفولة ومتاجرة غير قانونية بمقدرات وملكات (فاقد للأهلية)، يمكن توجيهها للوالدين أو المسؤول المباشر عن حدوث أي ضرر نفسي وخلل بكيان الطفل.
ولكنني أكتفي بلفت النظر لهذا الجانب، الذي لا يمكن أن أستبعده عن المشهد غير الأخلاقي في استغلال الأطفال في الإعلام الاجتماعي (السوشيال ميديا).
وأضع بين يدي القانونيين المختصين كي يبصّروا المجتمع، بما يساهم في تخفيف وردع تجار العبودية الجديدة المغلفة بالمتعة وتصعيد معدلات اللذائذ على حساب الإنسان وإن كان طفلاً.
وأستكمل الحديث بذكر الجوانب التربوية الملحة والتي لا تنتهي.
يغفل الوالدان وكثير من الناس أن الطفل لا يعرف التمييز بين المعجبين والمحبين، فيصاب بالتوتر وربما الاكتئاب عندما يرى أعداد المتابعين له أو لصفحته وموقعه بالتناقص، فيتوهم أنه لم يعد مقبولاً عند جماهيره أو أن محبته خفتت في قلوبهم. ومن الأبعاد التربوية لآفة الشهرة المبكرة غير الرشيدة، ما نشرته الدراسات العديدة ومنها دراسة جامعة UCLA الأميركية على 333 طفلا تراوحت أعمارهم بين 9 إلى 15، طلبوا منهم تحديد وترتيب القيم التي يهتمون بها أكثر، وتأتي على رأس سلم أولوياتهم.
أكدت نتائج الدراسة حدوث تغير كبير في أحلام وتطلعات أطفال هذا الجيل، مقارنة بأحلام الأجيال السابقة.
وأوعزت الدراسة هذا التغير إلى سبب رئيسي هو التأثر بمشاهير الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ووجدوا أن أربعين في المئة من الأطفال فضلوا الشهرة على حب المجتمع والنجاح العائلي والوظيفي والمادي، كما رصدت الدراسة ردود أطفال عند سؤالهم عن طموحاتهم المستقبلية بحيث تبدلت الإجابات المتعارف عليها من التفوق الأكاديمي والعلمي واختيار المهن المرموقة إلى رغبة الأطفال في أن يصبحوا من المشاهير، وهذا معناه أن أحلام الأطفال وطموحاتهم أصبحت مرتبطة بحب الظهور والنجاح في «سناب شات» و«فيس بوك» و«اليوتيوب» و«الانستغرام».
هذه الدراسة وكل ما سبق أضعه بين أيدي الحكومات والتربويين، وبشكل خاص أولياء الأمور الذين يدفعون أبناءهم دفعاً للشهرة والسعادة الزائفة التي تمثلها متعة المتابعين ولذة التواصل الاجتماعي الفانية، وقد عرف العالم سابقاً زواج المصلحة أو «الزواج الرأسمالي»، لتحقيق مصالح دنيوية ولو على حساب الاختلاف الثقافي بين الأزواج، لكن اليوم بدأنا نسمع عن الوالدية الرأسمالية المتوحشة حيث يكون الوالدان عبّاداً للمال ويسوقون أبناءهم نحو نير هذه الفتنة، ولا فرق في عالم السوق والمال، أن يكون الطفل المدفوع به في أتون الشهرة ولداً أو بنتاً!

@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي