كلمات من القلب

«نقصة رمضان» بنسخة مطوّرة

تصغير
تكبير

مبارك عليكم الشهروعساكم من عواده، عاد رمضان إلينا وعادت معه ذكرياتنا وعاداتنا الرمضانية الجميلة، فلكل دولة عربية مسلمة طقوسها وعاداتها الرمضانية التي تخصها دون غيرها من الشعوب، وهي عادات رمضانية متوارثة من جيل الى جيل، وهناك من تمسك بها وهناك من نسيها واندثرت مع السنين، ونحن في الكويت مثل بقية الشعوب العربية الاسلامية لنا عاداتنا الرمضانية الجميلة التي تربينا عليها منذ الصغر وكبرت معنا، وقد يعرفها البعض ويجهلها البعض الآخر، ومن أجملها - والتي نستقبل بها رمضان - (نقصة رمضان).
وهي عادة كويتية خليجية قديمة. وعند البحث عن معنى كلمة نقصة لم أجد لها معنى قريباً سوى كلمة «استنقص»، بمعنى عندما يود شخص أن تشاركه أو تقاسمه في شيء هو يملكه، يقوم باستقطاع جزء منه ويستنقصه لك. والجميل أنها ليست مرتبطة بأكلة معينة، وإنما قد يستنقص التاجر لصديقه التاجر صفقة تجارية مربحة من باب المحبة. ولكن ما سبب ارتباط كلمة نقصة بشهر رمضان؟وهل تغيرت نقصة رمضان اليوم عما كانت عليه في الماضي؟
الحقيقة أنها ارتبطت بشهر رمضان بسبب عاداتنا الجميلة في الماضي حيث نجد ربات المنزل، أمهاتنا وجداتنا عندما كن يقمن بإعداد وجبة الفطور لعائلاتهن، كانت ربة الأسرة تقوم باستنقاص جزء من هذه الوجبة أو بعمل وجبة أكبر من أجل إرسال طبق من فطورها إلى منزل جارتها، وتقول هذا الصحن نقصة لبيت أم فلان. وكانت في رمضان عملية تبادل أطباق الفطور بين الجيران تبدأ قبل الافطار بنصف ساعة، وعند موعد الإفطار نجد السفرة تحتوي على أطباق متنوعة من نقصة الجارات والأهل.


نقصة رمضان كانت بسيطة جداً من أكل البيت ومن أطباق المنزل غير مكلفة، أما نقصة رمضان اليوم فتغيرت كثيراً عن الماضي، فنجدها أكثر تكلفة عن ذي قبل، ودخلت في مظاهر البذخ والإسراف والتكلفة المالية الكبيرة وانتقلت مسؤولية النقصة من الأمهات والجدات إلى البنات المتزوجات لدى كثير من العائلات، وأصبحت لها طقوس في ترتيباتها واختيارها، حيث دخلت العصرية والتمدن على طبق «النقصة»، فلم تعد النقصة طبقا من الهريس أو الجريش أو التشريب، وانما طبق من الفضة أو الخشب المعتق الفاخر أو سلة صنعت خصيصاً باسم العائلة أو صندوق مزين بتهنئة مبارك عليكم الشهر. وقد ملئت بالهدايا الرمضانية المختلفة كالعطور والبخور أو المكسرات أو أنواع الشاي أو هدايا فاخرة بستايل رمضاني، وقد تم تغليفها تغليفاً فاخراً، وداعاً لصحن أمي ولجدر الهريس وللبايركس الذي كتب أسفله بيت أم فلان بقلم أسود غير قابل للمسح وبخط صاحبة البيت. وداعاً لصحن بيت الجيران فلم يعد هناك.
فلم يعد هناك من يطرق علينا الباب ويقول: أمي تسلم عليكم وتقول وين صحن الهريس نقصة أمس؟ ومع ذلك، تظل نقصة رمضان لها نكتها ورائحتها الرمضانية، التي ننتظرها كل شهر رمضان.
وأخيراً لنا وقفة دعاء لمن كانوا معنا بالأمس يصومون رمضان واليوم رحلوا عنا (اللهم اجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، اللهم افتح لهم في قبورهم باباً تهب منه نسائم الجنة لايُسد أبداً، اللهم اغفرلهم و ارحمهم، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه).
Najat-164@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي