منذ أن سعت تركيا نحو التقدم لخط مجدها، وحجز مقعدها بين الدول المتقدمة اقتصادياً وعلمياً، والمتطورة عسكرياً، وهي تتعرض لهجوم شرس من أطراف عدة، تشارك في هذا الهجوم أميركا وبعض الدول الأوروبية وإسرائيل.
فبعض دول أوروبا يعرقل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وأميركا تهاجم الاقتصاد التركي، وساهمت بشكل مباشر في إضعاف الليرة التركية.
كما أنها تدعم حزب العمال الكردستاني الـPKK، وهو حزب له جناح عسكري ينفذ عمليات عسكرية إرهابية داخل تركيا.
وتمثلت المؤامرة الكبرى على تركيا بالانقلاب العسكري الفاشل صيف 2016، وكان المخطط له «فتح الله كولن» زعيم الكيان الموازي والمتواجد حاليا في أميركا.
أنا لا أستغرب هذه المؤامرات على تركيا من دول الغرب، لأن عداوتها معروفة.
ولكن الأمر الغريب هو عداوة بعض الدول العربية لتركيا المسلمة!
إننا كعرب ومسلمين تجمعنا مع تركيا روابط الاخوة الإسلامية، فتركيا هي آخر معاقل الخلافة الإسلامية، والأتراك من حموا مكة والمدينة وقبر الرسول عليه الصلاة والسلام من خطط الصليبيين البرتغال.
الأتراك هم من حموا بلاد المسلمين من المد الصفوي، وهم الذين رفضوا بيع القدس وفلسطين.
الأتراك هم الذين وقفوا ضد العقوبات الأميركية، التي أرادت فرضها على السعودية بما يعرف بقانون «جاستا» بدعوى أن معظم من نفذوا هجمات 11 سبتمبر كانوا سعوديين.
الأتراك هم من سيروا «أسطول الحرية» لفك الحصار عن غزة، وقد استشهد العديد منهم في الاعتداء على الأسطول من قبل الصهاينة.
تركيا تحتضن اليوم ملايين اللاجئين السوريين وتحسن ضيافتهم.
تركيا هي الدولة التي بادرت إلى عقد مؤتمر طارئ لمنظمة العالم الإسلامي، بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع ضد المصلين في أحد مساجد نيوزيلاندا وأدى إلى استشهاد 50 منهم.
لذلك نتساءل: لمصلحة من الهجوم على تركيا، وهي التي تقوم بكل هذه الأدوار وغيرها، من أجل نصرة قضايا المسلمين؟!
الاختلاف مع بعض سياسات الرئيس أردوغان لا يبرر نهائياً أن يقف بعض العرب في صف الغرب في الهجوم على تركيا، والتآمر عليها.
أما لنا في ما جرى للمسلمين في بلاد الأندلس من مُعْتبر؟ ألم يكن التنازع بين ملوك الطوائف واصطفافهم مع النصارى ضد المسلمين، هو السبب الرئيس في زوال ملكهم؟
يا ليتنا نعتبر بموقف المعتمد بن عباد يوم قَبِل التنازل ليكون تحت حكم يوسف بن تاشفين من أجل إنقاذ بلاد المسلمين في الأندلس من هجوم الصليبين، وقال كلمته المشهورة: «لأن أكون راعي إبل عند ابن تاشفين، أحب إليّ من أن أكون راعي خنازير عند الفونسو».
لا نريد أن يصل الحال بأمتنا كحال الثيران الثلاثة مع الأسد - في القصة المشهورة - والتي تمكن الأسد فيها من أكل الثيران الثلاثة بعد أن فرّقها، ليقول الثور الأخير قبل أن يلقى حتفه: «أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض»!
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: «ليس بالضرورة أن تكون عميلاً لتخدم الأعداء، يكفي أن تكون غبيّاً».
Twitter: @abdulaziz2002