أتذكر في منتصف الثمانينات عندما تم قبولي في الجامعة كيف أن الطالب «البدون» كان يعامل معاملة الكويتي من حيث نسبة القبول، وكانت أوضاع الأخوة من أبناء هذه الفئة كحال أبناء البلد، واستمر الأمر إلى قبل الغزو بسنتين تقريبا حيث تم التضييق على هذه الفئة بصورة مستغربة!
وعندما وقع الغزو أثبت الكثير من أبناء هذه الفئة إخلاصهم لهذا الوطن وتضحيتهم من أجله. فمنهم من ضحى بنفسه ونال شرف الشهادة، ومنهم من وقع في الأسر من أول يوم للغزو ولم يخرج إلا مع الأسرى بعد التحرير، ومنهم من التحق بالجيش الكويتي المرابط في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ودخل مع قوات التحالف في حرب التحرير، ومنهم من شارك في المقاومة المسلحة، والكثير منهم كان عضوا فاعلاً في لجان التكافل التي ساهمت في ثبات الصامدين. وبعد التحرير وبعد كل التضحيات التي قدمها هؤلاء، إلا أنهم حرموا من الإنصاف!
إن مشكلة هؤلاء الأخوة ما تزال قائمة، وبرغم الوعود بحلها إلا أن المعاناة ما تزال مستمرة. ولعل من آخر صور المعاناة إيقاف بطاقات الصرف الآلي التي يستلم بها الكثير منهم راتبه من البنوك!
وسبب الإيقاف هو عدم تعديل هؤلاء لأوضاعهم أو الكشف عن جنسيتهم، بحسب رأي (الجهاز المركزي)!
للأسف أن لجنة (البدون) والمعروفة باسم «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، تتعسف مع هذه الفئة، وأحيانا كثيرة تنسب هؤلاء إلى جنسيات غير صحيحة.
بدليل أنه عندما يُطلب من «الجهاز المركزي» أي دليل قانوني أو رسمي يثبت ادعاءهم فإنهم لا يجيبون؟ لأنهم لا يملكونه!
والظاهر - والله أعلم - أن الموضوع يخضع للتخمين والتوقع، بحسب النظر إلى اسم العائلة أو القبيلة، فهذا أقرب للعراق، وذاك إلى السعودية، وآخر إلى سورية، وهكذا، ومن المضحك أن يُنسب بعضهم إلى دول أوروبية!
ونقول مع هذا الوضع المأسوي لإخواننا من هذه الفئة، فإن الأمر يحتم على البلاد كلٌ بحسب مسؤوليته الدستورية أن يسعى لرفع المعاناة عن هؤلاء. بمعالجة أوضاعهم ووضع حلول جذرية لمشكلتهم، ولا يترك الأمر للزمن، لأن القضية ككرة الثلج، كلما تدحرجت كبر حجمها وزاد خطرها.
لن نتحدث عن موضوع التجنيس والذي يخضع لضوابط معينة، وإن كان يعتبر أحد الحلول وخاصة للمستحقين من هذه الفئة، لكننا نطالب بتحسين الوضع المعيشي، الذي يحفظ لهم كرامتهم.
ندعو إلى النظر إلى هذه الفئة من المنظور الإسلامي الذي يوصي المسلم بأخيه المسلم، ومن المنظور الإنساني الذي تفتخر الكويت بأنها في مقدمة دول العالم في هذا الجانب قيادة وحكومة وشعبا. وبأن تُزال كل العوائق الموضوعة في طريق العيش الكريم لهذه الفئة.
ونحذر من عاقبة الاستقواء والظلم الذي يمارسه بعض المسؤولين، وبعض أصحاب الدماء الزرقاء ضد هذه الفئة الضعيفة، لأن الجزاء من جنس العمل.
Twitter: @abdulaziz2002