المقال لمن يفقه أن قيمة حب الوطن ليس بالتغني، ورفع الشعارات، والاحتفالات بصورة غير حضارية. وهنا يأتي السؤال الذي لا يغيب عن أذهان الذين يفقهون أن حب الوطن بالانضباط... لكل من استهلك وهدر ورمى الأوساخ وترك مخلفاته التي أضرت بالبيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية، وكان عدم الانضباط عنوانه بيومين نعتقد فيهما تجديد العهد والولاء والانتماء لوطن كانت عطاءاته تسبق إمساكه وتقتيره، فهل يعتقد بأنه بلور حبه وعشقه بالطرق والأساليب الصحيحة، التي تطوّر وتنمي الوطن؟!
إن الانضباط والتحكم بالسلوكيات - خصوصاً في الرخاء والأفراح - هو الفيصل ما بين التمدن والتحضر، وبين التوحش والتخلف بالأفكار والسلوكيات، ولا نعني بالانضباط هو أن يسير أبناء المجتمع الواحد وفق منهج متطابق، ولكن ما نطمح له هو خضوع أبناء المجتمع للأحكام والقوانين والآداب، والتحرك ضمن أطرها المباحة، واحترام النظم الحضارية السائدة، وعدم التمرد عليها، وهذا يستلزم شيئاً من التضحيات من أجل الوطن.
الانضباط يحدث في المجتمع نتيجة امتزاج عدد من العوامل، مثل رقي الفرد، والتزامه، إضافة إلى وجود رقابة اجتماعية جيدة، وكلما سار المجتمع في طريق التقدم والتحضر شعر أن حاجته إلى الانضباط والتقيد بالتوجهات الاجتماعية، والقوانين والآداب والأحكام - العامة - صارت أشد، وأكثر إلحاحاً، ويظل الوازع الداخلي هو أساس الانضباط الحقيقي.