استعرت عنوان هذا المقال من الوصف الذي أطلقه النائب وزير التربية السابق أحمد الربعي - رحمه الله - على الأوضاع المقلوبة في وزارة التربية قبل توليه مسؤوليتها.
ويحق لنا أن نطلق هذا الوصف «الهرم المقلوب» على الكثير من الأوضاع الموجودة في واقعنا المحلي أو العربي والإسلامي.
فعندما يُحكم بالسجن على نواب وطنيين شرفاء، ويلجأ بعضهم إلى الخارج طلبا للحرية، بينما يسرح ويمرح بعض سرّاق المال العام، وبعض المتهمين بالإيداعات المليونية فيقينا تعلم أن الأوضاع مقلوبة.
عندما يصف الله تعالى المؤمنين بأنهم «أشداء على الكفار رحماء بينهم»، ثم ترى كيف أن العديد من الدول العربية والإسلامية تتعاطف وتتسامح وتتحاور مع جميع الملل والنحل الأخرى من غير المسلمين، بينما تعتقل وتسجن وتعذب وتقتل المعارضين السلميين من أبناء التوحيد! فبلا شك أنها أوضاع مقلوبة!
عندما يُطلق على المجاهد في فلسطين - الذي يدافع عن دينه ونفسه وعرضه وماله ومقدساته وأرضه لقب «إرهابي» يجب محاربته والتضييق عليه، بينما يوصف الصهيوني المجرم المحتل سفاك الدماء بأنه «حمامة سلام» فأنت توقن بأنه هرم مقلوب!
عندما يدعونا ربنا تبارك تعالى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الخير، ثم تتم محاربة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والدعاة والعلماء، تعلم يقينا بأنها أوضاع مقلوبة!
عندما يُخَوّن الأمين ويُؤمَّن الخائن، ويُصَدَّق الكاذب، ويُكَذّب الصادق، ويتكلم الرجل التافه في أمور العامة تعلم أنه هرم مقلوب!
لما ترى اللص يتكلم عن الأمانة، والعاهرة تتكلم عن الشرف، والجاهل يفتي للعامة، والعميل يتكلم عن الوطنية، تعلم أنها أوضاع مقلوبة.
تذكرت أبياتا للشاعر أحمد مطر تتناسب مع هذه الأوضاع المقلوبة يقول فيها:
رأيت جُرذاً
يخطب اليوم عن النظافة
ويُنذر الأوساخ بالعقاب
وحوله يُصفّقُ الذباب!
على المرء وهو يرى هذه الأوضاع المقلوبة أن يحاول كشفها وفضحها، وأن يتصدى لها، وأن يتمسك بمبادئه ولا يغيرها، فحقيقة الأشياء لا يغيرها تزييف الباطل.
وأختم بوصية لأحد الصالحين يقول فيها «لا تستوحش طريق الحق وإن قلّ السالكون، ولا تغترّ بالباطل وإن كثُر الهالكون».
Twitter:@abdulaziz2002