رأي قلمي

الأكثر أهمية...!

تصغير
تكبير

إن الحالة التي يعيشها بعض المربين اليوم في تربية أطفالهم عبارة عن محصلة هائلة من التجارب غير الناجحة أو الناجحة نجاحاً جزئياً غير كفء، ولا بد لهذه الإخفاقات التي تم إنجازها في الواقع التاريخي والواقع المعاش من أن تترك انعكاسات نفسية عديدة تؤدي إلى تأصيل عدد من الصفات النفسية المَرَضية التي تسهم في توكيد ضعف وسلبية وعدم ثقة المربي بنفسه، فضلا عن أنه يعيش شخصية ازدواجية ويشعر بالدونية.
بشكل العموم الإنسان الناجح يدفع بأولاده إلى النجاح من خلال تعزيز ثقتهم بأنفسهم. وان الذي يفقد ثقته بنفسه غالباً ما يشكك الآخرين في ثقتهم بأنفسهم ما لم ير نمطاً رفيعاً لا يقبل الجدل فإنه حينئذ يخضع له بدل أن يتعلم منه، وفقد الثقة بالنفس وبالآخرين يفرز نوعاً من انحسار الذات وفقد الكفاءة الاجتماعية وتقلص المجالات الحيوية لحركته ونشاطه التربوي، والظروف السيئة التي يعيشها بعض المربين مع أبنائهم على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي تجعلهم في نوع من المحنة الدائمة، وظروف الحياة المختلفة تجعل تطلعاتهم وحاجاتهم أكبر من الإمكانات المتاحة لتلبيتها، ونتيجة لكل ذلك يسوغ المربي لنفسه السلوك المزدوج، فيظهر السلوك الخيّر أمام الناس، فيظهر للمجتمع وكأنه يرتدي حلل العافية على حين أن الأمراض والأوبئة المختلفة تفتك به، من خلال التخبط في اتخاذ القرارات المهمة التي تخص أسرة أو عائلة بأكملها وليس فرد دون آخر، وهذا الوضع أسهم بصورة كبيرة في عجز المربي عن الإحساس بمشكلاته بصورة صحيحة، حيث التلوّن الدائم في كل شيء، كما أدى إلى ازدراء المربي لنفسه حيث يشعر بالجبن والضعف عند المواجهات الجادة.
يمثل الجانب العاطفي والجانب العقلي العنصرين الأكثر أهمية في شخصية الإنسان بما فيهم شخصية المربي. وحين يكون الإنسان في حالة طبيعية سوية فإنه يستخدم الجانب العقلي في إدراك القضايا والمشكلات والتكيف مع الظروف الطارئة والتخطيط الشامل لكل جوانب الحياة، أما الجانب العاطفي فإنه يكون منبع التواصل الأسري والاجتماعي. فالمربي الذي فقد البوصلة وتحيز إلى جانب العاطفة الجياشة في أكثر الأمور أخفق في التحكم بانفعالاته، وطغى الانفعال العاطفي على سلوكه وكيفية تعاطيه لمشكلات أولاده، فأضر بنفسه وأبنائه، وضيع الأمانة وجرهم لمنحدر التحلل من القيم الأخلاقية والمجتمعية.



[email protected]
‏mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي