تنقسم العلاقات التي يقيمها الناس بعضهم مع بعض إلى قسمين...علاقات قهرية، تفرضها ظروف خارجة عن إرادتهم كالعلاقات بين الأرحام والجيران وزملاء العمل... وعلاقات اختيارية كتلك التي تتم بين الأصدقاء والشركاء. ودلالة العلاقات الأولى أو الأولية على شخصية المرء هامشية، إذ قد يكونون اخوة من نفس الأم والأب، ولكن أحدهم صالح والآخر طالح، أو يكون الأب صالحاً، ولا يكون الابن كذلك. أما العلاقات ذات الدلالات الكبرى فهي العلاقات الاختيارية.
إن العلاقات هي فنّ التوازنات، وإن كل علاقة يقيمها الإنسان مع غيره هي انعكاس لوعيه ومبادئه ومصالحه، ويمكن أن تكون سعة العلاقات الناجحة التي يقيمها المرء مقياساً على نجاحه في حياته الاجتماعية وعلى نشاطه وعطائه في تلك العلاقة، كما أنها مؤشر ودليل على قدرة الإنسان على تمثل واقع الآخرين واستيعابه ثم التحرك في إطاره.
لا تخلو علاقاتنا الاجتماعية من الخلاف، على المستوى النظري والفكري، وذلك لاعتقاد بعض الناس ضرورة استحواذ كل ما هو فاضل وطرد كل ما هو مفضول، وكل من يتوافق معه نظرياً وفكرياً وطرد كل من لا يتوافق ويتفق معه نظريا وفكرياً، وغالبا ينظر المرء إلى أسلوب ووسائل غيره من الناس في التعاطي مع أمور وأحداث الحياة غير صحيحة أو غير مشروعة، أو أنها مجلبة للخراب والهدم.. ومنها الشكوك والظنون المتبادلة حول نزاهة واستقامة الطرف الآخر، ويضاف إلى كل ذلك رواسب الخلافات العائلية والقبلية والنقد الجارح والتفاوت في العادات والتربية والأمزجة والحساسيات النفسية، رغم كل ما ذكرناه إلا أن هناك بعض الآليات والتصرفات والسمات التي تساعد على تحسين العلاقات وتخفيف التوتر فيها... منها إرسال رسالة طيبة كلما سنحت الفرصة، فالإنسان يحتاج إلى تشجيع الآخرين واهتمامهم به حاجة متجذرة في التراث الثقافي والجينات البشرية، برأينا من الضروري أن نحاول استغلال أي مناسبة لنثبت للأطراف الأخرى أننا مهتمون ومتضامنون معهم، ونستطيع أن نساعدهم على بعض أمور الحياة، ولدينا الرغبة في مشاركة الآخرين أفراحهم وأحزانهم وكل ظروفهم...