هناك نوع من الناس دائماً يعتد برؤيته، ويتمسك بمبادئه وأحكامه المستمدة من وجهة نظره الخاصة، وغالباً ما يخلط بين الأفكار والاجتهادات والآراء التي من حق الأشخاص أن يختلفوا فيها، فهو لا يملك المرونة والشفافية الكافية للتفريق بين الرؤية الخاصة النابعة من أفكاره واجتهاداته، وبين النظرة العامة المتفق عليها بين غالبية الناس، وهذا النوع من الناس تكون علاقاته متوترة وقلقة وهشة، لأنه يحاول دائماً وأبداً أن يحافظ على أفكاره ومألوفاته على حساب علاقاته، فهو لا يحترم الأشخاص المقربين خصوصاً الأقرباء منهم في سبيل الاحتفاظ والتمسك بوجهة نظره ورؤيته الخاصة حتى وإن خسر أقرب أقربائه، عزاؤنا الوحيد هو أنه يبني آراءه بناء على ظنون وأوهام، أو بناء على قراءات ناقصة لواقع الحياة، ومنها نلتمس إليه العذر إلى أن يفوق ويصحو من سباته.
إلا أنه كم يكون سيّئاً أن يعتقد هذا الشخص أنه على حق دائماً وأبداً، وأنه ارتكاز الصدق والصواب وبقية البشر حواف وأطراف الكذب والخطأ، ويعتقد هذا الشخص أن رؤيته للأشياء والأمور دائماً هي الصحيحة، وأن على بقية الناس أن يوافقوه على ما يرى، وإلا فإنهم على خطأ أو ضلالة! ومن هنا تبدأ المشكلات والأزمات إلى أن تنتهي بالعداوات والقطيعة.
وللأسف الشديد هؤلاء الناس يتمحورون حول أنفسهم ويعتقدون أنهم لا يقعون في الخطأ أبداً، وينظرون إلى ما يستحسنونه على أنه حسن حسناً مطلقاً، وما يستقبحونه على أنه قبيح قبحاً مطلقاً، ومنها لابد من بقية البشر أن يتوافقوا معهم بكل ما يعتقدونه وإلا أصبحوا أعداءً لشخوصهم وأفكارهم وآرائهم.