إن العلاقات الإنسانية ليست مجرد كلمات طيبة أو عبارات مجاملة تقال للآخرين، إنما هي تفهّم عميق لقدرات الأشخاص وطاقاتهم وإمكاناتهم وظروفهم ودوافعهم وحاجاتهم، فالإنسان لا يرقى بسلوكه إلا من خلال احتكاكه وتعاونه مع غيره من الأفراد، لهذا كان تكوين العلاقات الإنسانية شرطا أساسياً وضرورياً في الحياة عامة.
أول علاقة أولية يقيمها الإنسان في مؤسسة التنشئة الاجتماعية «الأسرة» كنسق اجتماعي فيه أفراد يتفاعلون مع بعضهم البعض بصورة مباشرة، وفقا لمجموعة من القواعد والقوانين السائدة ضمن نطاق المؤسسة من أجل بلوغ أهداف معينة وضعتها المؤسسة فور دخول عضو جديد إلى نسقها.
العلاقات الإنسانية لها آثارها الكثيرة والكبيرة في نفوس الناس، ولها آثارها العميقة في تشكيل شخصية الإنسان المكونة من عقل يحمل الكثير من الأفكار، وقلب يحوي المشاعر والعواطف، وجوارح مسؤولة عن سلوك الإنسان، بعدما يترجم الأفكار والمشاعر ويمررها على العقل ويبلورها إلى سلوك إمّا سلبي وإمّا إيجابي.
غالبا نسعى للعمل على خلق وتوفير جو من التفاهم والتعاون والثقة المتبادلة، لتكون علاقاتنا ناجحة بالمعايير والأسس التي وضعناها كأطراف مشتركين بالعلاقة نفسها.
إن نظرية العلاقات الإنسانية تقوم على أساس وفلسفة حفز الأفراد للاهتمام ببعضهم، اهتمام يكون محوره الإنسان فقط لا علائق أخرى، لأن هي وحدها - أي العلاقات - التي تشبع حاجاتنا النفسية والاجتماعية، والعلاقات الإنسانية هي أحد أدوات الإدارة في حياتنا بشكل عام، فهي تتطلب فهما عميقاً لعواملها المتداخلة، لاكتشاف الطرف الآخر بكل ما يحمل من اتجاهات وسلبيات وإيجابيات وعيوب ومحاسن ومميزات، تنطلق أهمية العلاقات الإنسانية من أنها عامل مهم في حياة البشر، ولا يمكن الاستغناء عنه مهما حصل من مواقف سلبية كخلاف أو غيره، لأن لها الأثر البارز على أداء الإنسان في يومياته.
العلاقات الإنسانية - دائماً وأبداً - تهدف إلى تحقيق التكامل بين الأفراد في محيط الحياة بالشكل الذي يدفعهم ويحفزهم إلى إقامة علاقات ناجحة تشبع الحاجات الطبيعية للأطراف المشتركين في العلاقة، وتعمل على تحقيق التوازن بين رضاهم النفسي ورضا الأطراف الأخرى. العلاقات الإنسانية هي علم وفن ووظيفة مستمرة ومخططة فنحن نحتاجها في حياتنا بشكل أساسي، فهي من تعترف بقيمة الإنسان وتهدف إلى وجود انسجام اجتماعي بين الأطراف، من المهم جداً أن تعتمد العلاقات الإنسانية على الصدق والحقيقة والأمانة من خلال التواصل والفهم المتبادل بين أطراف العلاقة.
لم يبق إلا أن نشير إلى أن الأخطاء واردة بين أطراف العلاقة، فمن الضروري أن نعالج الأخطاء في وقتها قبل أن تتفاقم وتتوسع الفجوة بين الأشخاص، وتترك أثراً سلبياً في نفوسهم، قد لا يزول مهما كانت هناك محاولات متأخرة لترميم العلاقة، وإن أردنا تضييق هوة الفجوة في حال الخلاف، لابد من إدراك التفاوت والاختلاف في الأمزجة والانفعالات والثبات والاتزان والقدرة على تقبل النقد من أطراف العلاقة.
[email protected]mona_alwohaib@