إن التطرف في أي شيء لا يكون في مصلحة الاستمرار، مثلما الرفق يقود إلى الرفق، واللين يقود إلى اللين، فالتطرف يقود إلى التطرف، والعنف يقود إلى العنف، فمن الطبيعي ألا يقابل الناس المروءة والنبل بالخسة والدناءة، فهم يقابلون المعروف بمثله.
إن مقابلة التطرف بمثله والاعتدال بمثله تصب في صالح استمرار العلاقات، والبقاء للأقوى والأعقل، ولكن! علينا أن نفرق على المستوى الأخلاقي والمصلحي والمعيشي بين توازنات تقوم على الظلم والعنف والغلو... وبين توازنات تقوم على الاحترام والتفاهم والرحمة والمعاونة... إن التوازنات الأولى تحوّل الحياة إلى جحيم لا يُطاق، وتدفعها في طريق التخلف، أما التوازنات الثانية، فإنها تجعل الحياة هانئة وجميلة ومنتجة وآمنة.
كثيرمن الناس يمارس التطرف مع أشخاص يحبهم أو يبغضهم، وهذا ما يجعل العلاقة تموت وتنتهي في كلتا الحالتين، أظن أن من يمارس التطرف بأشكاله وأنواعه يعلم جيداً أن التطرف جزء من التراث الجيني للإنسان، فالمرء يندفع إلى الموقف والسلوك المتطرف من غير إحساس على حين أن الاعتدال يحتاج إلى تعلم وتدريب ومجاهدة للنفس، ويظهر تطرف الناس جلياً في الظروف المواتية للتطرف أو المحرّضة عليه، كما أن تطرف الغالبية العظمى من الناس يظهر في حالات الشدائد والملمات.