جاء في كِتاب هواتف الجِنان للخرائطي، وكتابيّ دلائل النبوة لأبو نعيم، أن كسرى ملك الفُرس، رأى رؤيا في الليلة التي ولد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ارتجس - أي ارتجف - إيوان كسرى منها، وسقطت منه 14 شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة. ففزع كسرى من هذه الرؤيا فزعاً كبيراً، وأصابه قلق شديد.
وفي الصباح اسْتَدْعى كسرى المُبَذان مُفتي الفُرس، وأخبره بالرؤيا التي أزعجته، فتفاجأ كسرى بأن المُبَذان أيضاً رأى رؤيا أقلقته في ليلته، وهي أن إبلاً صعابًا تقود خيلا عرابًا- إبل لم تُركب، وخيول أصيلة- قد قطعت دجلة وانتشرت في بلاد فارس. ولقد تم تفسير رؤيا كسرى بأن مُلكهم سيزول بعد أن يحكُم منهم أربعة عشر ملكاً، وسوف تُطفأ نار المجوس المقدسة، ولا يبقى لهم قوة ولا سطوة. أما رؤيا المُبَذان فكان تفسيرها أن جيوش الإسلام سوف تغزو بلاد فارس وتفتحها وتكسر شوكة الفرس، وتنشر الإسلام في بلادهم.
ولقد علّق الشيخ حمود بن عبدالله التويجري، في كتابه الرؤيا قائلاً: «قد وقع تأويل رؤيا المُبذان في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، حين غزا المسلمون بلاد الفرس وقطعوا دجلة إليهم وانتشروا في بلادهم يقتلون مقاتليهم ويسبون نساءهم، حتى أثخنوهم وانتزعوا الملك والممالك منهم ومزقوهم كل ممزق، وكان معظم ذلك في خلافة عمر رضي الله عنه، وقد دعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمزقوا كل ممزق، وذلك حين بلغه أن كسرى مزّق كتابه الذي بعثه إليه يدعوه فيه إلى الإسلام. فقد روى ذلك البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه أن كسرى مزّق كتابه قال: اللهم مزّق ملكه. وقد استجاب الله لدعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم - فمزّق ملك كسرى كل ممزّق ولم تقم لهم دولة بعد ذلك».