عمل مسرحي قدم ختاماً لـ «البرنامج الصيفي للتدريب المسرحي»
جرأة «لابا» وبراعة المتدربين أثمرتا ... «الذين جعلوا الحياة عبثاً»
المسرح اللامعقول «العبثي» جاء نتيجة لإحساس الإنسان بعدم وجود غاية له، بعدما شاهد ويلات الحروب، فهل الحياة بالأصل عبثية أم أن هناك من جعلها كذلك؟
من وحي ذلك التساؤل وبحثاً عن إجابة له، اختتمت أكاديمية «لوياك» للفنون الآدائية «لابا» مساء أول من أمس «البرنامج الصيفي للتدريب المسرحي» في مقر المدرسة القبلية، من خلال عرض مسرحي حمل عنوان «الذين جعلوا الحياة عبثاً» ذات طابع عبثي ينقسم إلى لوحتين، الأولى منها أخذت منحنى العبث الفلسفي من تأليف أحمد محمدي وإخراج رازي الشطي، أما الثانية فاتجهت إلى العبث السياسي من نص مقتبس من المسرح العراقي وإخراج شيرين حجي، وذلك بحضور الفنانين أحمد إيراج وعبدالناصر الزاير وأهالي المشاركين.
اختيار هذا اللون من المسرح، الذي وُلد بعد تأثر الأدباء الشباب بنتائج الحروب العالمية السلبية الذي طال أوروبا والتي خلقت نفسية سيطر عليها انعدام الثقة في الآخرين، ومن أعلامه ألبرت كامو وصمويل بيكيت ويوجين يونيسكو، يعتبر جرأة كبيرة من قبل القائمين على البرنامج التدريبي في «لابا»، خصوصاً أن المتدربين أو إن صحّ القول الطلبة لم يتشبعوا من المسرح عامة ولم يغوصوا في بحره العميق، لكن ورغم ذلك كله كان واضحاً من خلال ما شاهدناه في العرض المسرحي أن البرنامج جاء بثماره، فكان الأداء التمثيلي مبشراً بالخير بالنسبة إلى كثير منهم، ومع تدريبات أخرى مكثفة قد نرى في الساحة ممثلين مسرحيين جدداً يثرون الحركة في الكويت. فقد كان واضحاً عليهم مدى فهمهم لـ «ثيمة» مسرح العبث، إلى جانب إتقانهم لأسس الحركة المسرحية وأيضاً تقمصهم لشخوصهم إلى حدّ كبير. والجميل في هذا العمل كان مشاركة متدربين اثنين من ذوي الاحتياجات الخاصة اللذين كان لهما حضور واضح ولافت في المسرحية.
بشكل عام، من السمات العامة لهذا اللون المسرحي «العبثي» هو قلة عدد شخوص المسرحية التي غالباً ما تدور أحداثها في مكان ضيق أو محدود جداً كغرفة، وهو ما حصل في اللوحة الأولى التي دارت أحداثها داخل إحدى غرف المدرسة القبلية وشارك فيها خمسة متدربين قدموا فكرة أبطالها خمس شخصيات، هي الملك سيزيف أحد أكثر الشخصيات الإغريقية مكراً والتي ترمز إلى العذاب الأبدي عبر تكرار حمل الصخرة إلى قمة الجبل وتحرجها إلى الأسفل وحملها مرة أخرى إلى الأبد، حيث عبّر كامو عن هذه الشخصية برمز الإنسان الفاقد للمعنى من وجوده، إضافة إلى سيمون دي فوار وهي أديبة وكاتبة فرنسية عشيقة سارتر، وكانت تتبنى أفكاره كما كانت من أنصار الإجهاض، إذ إنها قامت بذلك فعلاً. ومن الشخصيات أيضاً سارتر، وهو أديب فرنسي تبنى الفلسفة الوجودية بصياغتها الإلحادية وكان مؤيداً للماركسية، وأيضاً كامو وهو أديب فرنسي كان صديقاً لسارتر لكن نشب بينهما خلاف كبير بعد مهاجمته للماركسية من خلال كتابه المتمرد، ما دفع بفرانسيس جينسون لمهاجمة كامو عبر صحيفة سارتر، إلى جانب شخصية الراوي. وتلك الشخصيات كانت تدور في حلقة واحدة وتعيد نفسها كأنها بلا نهاية أو هدف غير معروف المصير.
بعدها تم الانتقال إلى الفناء الخارجي، لتبدأ أحداث اللوحة الثانية التي شارك فيها أيضاً خمسة متدربين، تحدثوا عن الموت والحياة والدفاع عن الوطن، فكان هناك الرجل الذي دفن في قبر غير قبره، ليأتي صاحب الأرض والقبر محاولاً إخراجه منها من دون جدوى، فيأتي بعده الدفّان معترفاً بخطئه الذي اقترفه طالباً منه العودة إلى الحياة مجدداً ويدافع عن أرضه ويستشهد من دون جدوى أيضاً، فتأتي الأم التي تطالب ابنها بالعودة إلى أحضانها فباءت محاولتها بالفشل، إذ كان ذلك الشاب يفضل البقاء مرتدياً كفنه والنوم في قبره على أن يعود إلى الحياة كما طالبه الجميع.
يذكر أن هذا البرنامج دام طوال شهر كامل، وقدم لجميع المتدربين ورشاً متخصصة بالتأليف المسرحي بقيادة أحمد محمدي وشارك فيها خمسة متدربين هم نهى مفرح، فاطمة علي، سارة السليم وراوية مبارك، السينوغرافيا بقيادة الدكتورة خلود الرشيدي وشارك فيها ستة متدربين هم راوية صالح، سلمان المطيري، فاطمة علي، أبرار العطار، نهى المفرح وحوراء دشتي، الماكياج بقيادة خالد الشطي وشارك فيها سبعة متدربين هم فاطمة علي، رغد عبدالعزيز، وفاء الشمري، شيماء اللنقاوي، راوية مبارك وحوراء دشتي، التمثيل والإخراج بقيادة رازي الشطي وشيرين حجي، وشارك فيها عشرة متدربين هم نومان، سارة السليم، منى القلاف، سلمان المطيري، عبدالرحمن الهدلق، إسلام وحيد، بدر زيد، محمد حموي، راوية مبارك ومحمد الصايغ، حيث تم تكريمهم فور انتهاء العرض المسرحي.