جواهر الأحمال...!

تصغير
تكبير

لكل منّا حمل يقع على كاهله كي يقوم بشيء، أو يتخلى عن شيء، أو يتلاءم مع شيء يشعر أنه خارج حدود استطاعته أو مصلحته الحيوية، والحمل هو نتاج صراع حاد بين مبادئ الإنسان ومصالحه، ومن هذه الأحمال قضية السياسة الكويتية، نحن نعيش بمجتمع عاطفي شعوري غالبا ما تكون ردود أفعاله منطلقة من التعاطف مع الفعل أو استنكاره من دون حجة، وهذا يسبب للإنسان ضغطا عاطفيا، ولطالما العلاقة بين العاطفة والفكر ثابتة، فعندما نتعلق بشيء نستحث عقولنا على إنتاج الأفكار والبراهين التي تسوغ هذا التعلق بأسلوب غير واقعي ليتماشى مع القسر العاطفي وليس مع الحقائق الموضوعية والأصول التي تشكل المنهج الذي ننتهجه لتكون ردود أفعالنا منطقية وعقلانية وواقعية لأي حدث.
 ومن الأحمال التي أثقلت كواهلنا قضية المرأة التي تلاحقت السجالات والاحتجاجات والمناقشات الساخنة في سبيل إنهاض وتفعيل دور المرأة في غالبية المجتمعات المتقدمة، إلا أن هذا المنظور السجالي جعل قضية المرأة تراوح مكانها لتغوص في معمعة السجالات، وذلك لارتفاع وتيرة نقد قضاياها، ولاختلاف منظورات النخب والجماعات في رؤيتها الفكرية والاجتماعية والسياسية لقضايا المرأة، فكان نتاج وحصيلة هذه السجالات والاحتجاجات إغلاق هوامش الانفتاح وإمكانات تواصلها مع المجتمعات، وجعل كل من يناقش أو يحاور قضية من قضايا المرأة ينطلق بذهنية الصدام، والتعامل معها على أنها معركة لابد من الانتصار فيها.
ومن أهم الأحمال التي أرهقت الإنسان دور الأسرة الوكيل عن المجتمع بتربية صغارها، لتلبية رغبات المجتمع والتعريفات التي يضعها لما هو مقبول وما هو غير مقبول، وهذا الحمل يؤدي إلى تشنج علاقة الأبناء بالأفراد المحيطين بهم سواءً من الأسرة أو خارجها، وتظهر آثار التشنج على شكل ضغط نفسي تعود على الابن بممارسة بعض العادات السيئة سواء كانت سلوكية أو قولية وتكبر معه إلى أن يصبح رجلا، ويخرج للمجتمع برداء الاعتراض والاحتجاج وأحيانا الرفض لبعض الأعراف والقوانين ويتجاوز أطرها ليصبح فردا غير صالح ولا نافع لمجتمعه.


الأحمال كثيرة وضرورية وحين نواجهها نحتاج أن نتأمل فيها لدفعها باتجاه الخير والفضيلة، بتخطيط استراتيجي لفتح قناة مباشرة تساعدنا على إيجاد أداة تمكننا من مواجهة الأحمال بإيجابية، ونظرة تفاؤلية، تعيننا على تصنيف الأعباء بكيفية التعامل معها وحملها من دون أن تقطع كواهلنا، وحتى لا نعيش بفوضوية واقعية تهوي بنا إلى التراجع والانحدار بحيث نتخلى عن شيء منها، أو نشعر أنها لا تتلاءم معنا وتصبح خارج حدود استطاعتنا، ونعيش بدوامة الصراع ما بين المبادئ والمصالح.

[email protected]
mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي