رمضان بعيون ديبلوماسية / «الشهر الفضيل يثير حَراكاً خيرياً في الكويت»
عنايتي لـ «الراي»: مسايرة الصائمين ذات نکهة أجمل... في رمضان
علي رضا عنايتي
طبق الشبزي
رمضان له ألف وجه!
فهو احتفالية روحانية سامية تطوف كل بلدان العالم الإسلامي المترامي الأطراف، وكلما حط رمضان رحاله في بلد امتزجت ملامحه الأصيلة والراسخة بعادات هذا البلد وتقاليد شعبه... ومن هنا صار الشهر الفضيل نافذة مفتوحة على مروحة الثقافات الإسلامية المتباينة في تفاعلها العميق مع جغرافيا الشعوب والمجتمعات في العالم الإسلامي.
«الراي» سعت، بمناسبة الشهر الفضيل، إلى الحديث مع سفراء دول متماسة مع الإسلام والمسلمين في الكويت، وسألتهم عن «رمضان في عيونهم»، وكيف تختلف مظاهره من بلد إلى آخر، ويوحد بين شعوبها في وقت معاً، وكيف تسهم «ثقافة رمضان» في تعزيز التسامح والتعايش العالميين؟ وكيف يرون خصوصية هذا الشهر العظيم في الكويت؟
هنأ السفير الإيراني لدى الكويت د. علي رضا عنايتي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، کما هنأ الكويت حكومةً وشعباً، وکذلك الجالية الإيرانية المقيمة علي أرض الكويت الطيبة بحلول الشهر الفضيل سائلاً الله - سبحانه - أن «يجعلنا جميعاً من عُتقاء شهر المغفرة والخيرات، وأن يعيده الله علي الأمة الإسلامية بالخير واليُمن والبرکات».
وعن كيفية قضاء يومه کديبلوماسي، خلال شهر رمضان المبارك، قال: «بالنسبة إلينا لا يختلف اليوم في رمضان عن غيره من الشهور، فنحن وطاقم السفارة موجودون في أعمالنا منذ الساعة الثامنة والنصف صباحاً، والقسم القنصلي مفتوح بابه أمام المراجعين من التاسعة صباحاً بحصول تغيير طفيف في بدء الدوام، إيماناً منا بمواصلة العمل خاصة في القسم القنصلي لرفع متطلبات الناس وتمرير مصالحهم، وقد تکون مسايرة الناس الصائمين ذات نكهة أجمل في شهر رمضان»، مكملاً: «أما الليل فهو مزدحم بالزيارات الأخوية للدواوين والغبقات والموائد، وعلي هذا الأساس يكون لنا دوامان أحدهما نهاري والآخر ليلي، أما الشهر فنحن لا يمكننا الحديث عن فضله وبرکاته، وهو شهر عظيم في قدره وقيمته، ونرجو من الله سبحانه وتعالي التوفيق في إحياء هذا الشهر المبارك بالعبادة والعمل المخلص والقيام والدعاء وتلاوة القرآن».
عنايتي تحدث عن أجمل العادات والمظاهر الرمضانية في الكويت قائلاً: «إن الأجواء الرمضانية في الكويت متميزة، حيث تشهد حراكاً اجتماعياً وخيرياً ملحوظاً، وتطغى مشاعر المحبة والود والإخاء والتراحم، إذ يعتبر أهل الكويت رمضان فرصة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة، واستعادة القيم التي تعزز التجانس بين أفراد المجتمع، وتغص المساجد في رمضان بالمصلين لتبرهن على اهتمام الإنسان المسلم بهذا الشهر الفضيل، يليها إحياء العشرة الأواخر وليلة القدر، کما نري کيف ينتظر الناس قدوم هذه الأيام المباركة، ليتواصلوا ويهتموا بمساعدة المحتاجين ورعاية الأيتام وصلة الأرحام بصورة أكبر عن بقية أشهر السنة الأخرى».
وأضاف عنايتي: «أما مظهر الدواوين وزيارة الناس لها بكثرة فهي إشارة واضحة في سبيل التزاور والتواصل، کما أن الغبقة الرمضانية تُعتبر علامة بارزة في التراث الرمضاني الكويتي، تناقلها الكويتيون من جيل إلي جيل، کما أننا نشاهد في منتصف الشهر أجواء القرقيعان والأناشيد التي يرددها الأطفال وهم يجوبون الأزقة ويُنشدون الأهازيج الشعبية».
وعن عادات المسلمين في إيران، قال: «يستقبل الشعب الإيراني الشهر الكريم كما غيره من الشعوب الإسلامية بالفرح والسرور، ويستعد له منذ وقت مبكر ببرامج دينية وروحانية نظرا إلى قداسة ومكانة رمضان في النفوس والقلوب، فما ان يطل شهر رمضان المبارك، حتى تشهد البيوتُ حركة دؤوبة وتطرأ تغييرات على السلوكيات والعادات اليومية، وينبري الجميع إلى تنظيف بيوتهم وتجهيز ما يحتاجون إليه من مستلزمات غذائية كي يتفرغوا لأداء واجباتهم وفروضهم الدينية خلال أيام وليالي الشهر الكريم من عبادات وطاعات»، شارحاً: «ليس فقط أداء فريضة الصيام، إنما يجري استنهاض ما لدى أبناء المجتمع المسلم من تقاليد ارتبطت على مر العصور بهذا الشهر الفضيل لاحيائها وتطبيقها، وتكون المساعي حثيثة نحو تغيير النفوس نحو الأفضل والاستفادة من الأجواء الروحانية السامية، فكما أن عيد النيروز هو بداية الربيع وتفتح الأزهار واخضرار الأشجار وتجدد الحياة، فإن شهر رمضان هو ربيع القرآن حيث تهب نسائم الرحمة والمغفرة الإلهية وتسمو الأرواح وترتفع المعنويات»، ومواصلاً: «تقام على مستوى البلاد حملات شعبية لتنظيف المساجد وتأهيلها في الأسبوع الأخير من شهر شعبان نظراً إلى كثافة حضور المصلين خلال الشهر الفضيل، كما تزدحم المساجد بالمصلين وتقام مجالس الأنس بالقرآن الكريم بحضور كبار القراء والحُفاظ، وكذلك مآدب الإفطار في معظم مساجد البلاد، لاسيما في العشر الأواخر، وهو ما سُمي أسبوع إكرام الصائمين».
وتابع: «لا أذيع سراً لو قلت إن العبء الكبير يقع على ربات البيوت اللاتي يبذلن أقصى الجهد من أجل توفير أشهى الأطباق لأسرهن على رغم التزامهن بالصيام والفروض الدينية الأخرى. أما المطبخ الإيراني فهو زاخر بأشهى الأطباق الغنية بمكوناتها، كما أن هناك الحلويات المتنوعة مثل الزلابيا والبقلاوة وشعر البنات. وكل مدينة إيرانية تمتاز بأنواع الطهو الخاصة بها ولها خلطاتها ونكهاتها التي تشتهر بها وكذلك المعجنات والسلطات والحلويات والجاتوهات التي تختص بها». وزاد: «لكن لرمضان أطباقه البسيطة حيث نجد التمر والخضار والجبن والأرز المغطى بالزعفران وأنواع المرق، وأنواع الآش. وتُعتبر مرقة الشبزي من أشهر الأطباق الإيرانية وتسمى بالفارسية (قورمه سبزي) وتتفنن ربة البيت الإيرانية بإعدادها بمهارة وإتقان حيث يفوح عطر الخضار المستعمل حين تقديمها للصائمين».