سؤال مهم يفرض نفسه على كل شخص كيف نتعامل مع المقولبين ذهنياً؟ خصوصا إن كانوا من الناس المقربين أو من نخالطهم بشكل يومي، وقبل أن نبحث عن طريقة وأسلوب التعامل، من المهم أن ندرك أن القولبة الذهنية ليست شراً خالصا، بل أحيانا الناس المقولبون يحدّون من اندفاع المتهورين في مسائل التجديد والتطوير، ويمنحون العمل درجة من الصلابة والمتانة، ويلمّون شتاته، ويبثون القوة في النفوس المترددة، إنهم عنصر أمان وعنصر توازن في الوقت نفسه.
معظمنا في حياتنا أشخاص يميلون إلى الصرامة والعناد، وهم من الأصناف التي تتصف بالصراحة المتناهية والميل إلى فرض أفكار غير متفق عليها، وقدرتهم على ترويض أنفسهم للتعامل مع الآخرين تعدّ محدودة، كما أن قدرتهم على تجزئة الفكرة واتخاذ مواقف من الأفكار المطروحة أيضاً محدودة، هم الأشخاص المقولبون ذهنياً.
إن التعامل مع المقولبين ذهنياً يحتاج الحكمة واللطف والحذر حتى لا نخسرهم خصوصا إن كانوا من الأرحام، من السهل أن يزيدوا في درجة عنادهم وتقوقعهم على أنفسهم إذا اتهمناهم بالعناد أو ضيق الأفق، ومن الملائم جداً عند مجادلتهم اتباع طريقة بلورة المزايا والعيوب، كقولنا: ما مزايا قولك؟ ما براهينه، وما مستنداته المنطقيّة؟ وما هي عيوبه؟ وما نقاط ضعف قولك؟ وإتاحة الفرصة ليطلب من الطرف الآخر المخالف له المطالب نفسها، هذا الأسلوب في التعامل يفتح باباً للجدل، ويخفف من لغة التحدي، ويجعله يعتقد أن للحوار إيجابيات، ويعترف بإمكانية وجود درجة من الصحّة والقوة للأقوال المخالفة، وقبل هذا وذاك حتى لا نفقده أو نخسره.