عبدالله كمال / ... ولكن / حول الحكومة

تصغير
تكبير
الآن وقد انقضى موسم الشائعات حول الحكومة المصرية، ونالت من خلال التصريحات الرئاسية المتكررة إشادات مختلفة وداعمة، تثني على الأداء، وتمتدح النتائج، وما يؤكد الثقة في فريق العمل التنفيذي الحالي، في ضوء عبوره مجموعة متوالية من الأزمات، وتصديه لعقبات، أثبت خلالها أنه صمد أمام أنواء متتابعة.
أما وقد حدث هذا، فهل على الحكومة أن تنعم بالإشادة، وترفل في السعادة، وتعتقد أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان، أم أن عليها أن تجد سبلاً أفضل لتحقيق مزيد من النجاح، والنتائج التي تمنحها قدراً أكبر من الثقة، وقدرة على اجتياز مزيد من الموانع والعوائق المتوقعة، ففي مضمار السباق مصاعب جمة، لا أظن أن أحداً يمكن أن يتجاهلها.
لنتفق أولاً، على أن المعنيَّ قبل غيره بهذا التحدي هو الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري، بصفته وشخصه، هذه حقيقة لا تنفي بالطبع مسؤولية السادة الوزراء، خصوصاً هؤلاء الذين تلاحقهم، لأسباب مختلفة، شائعات الترقي، والوصول إلى موقع الدكتور نظيف نفسه، مع التسليم بأن من حق الجميع أن يطمح وأن يسعى ولكن من دون أن يؤدي هذا إلى أن تضاف إعاقات جديدة للمعوقات التي تتحدى الحكومة، أي أن الحكومة يجب ألا تضيف من داخلها ما قد يعرقلها.

ما أعتقده شخصياً أن الحكومه تحتاج ما يلي:
- مزيد من الانسجام، والهارموني، في أداء فريق العمل الواحد بحيث تبدو كما لو أنها كتلة واحدة، وبحيث تذوب المعسكرات الأربعة أو الخمسة التي تتفاعل داخلها أكثر في سياق هذا الفريق، ومن الواضح أنني لا أتحدث هنا عن الاختلافات المتفهمة والمقبولة في الرؤى، وإنما أقصد مزيداً من أحكام رئيس الوزراء للمتناثرات.
- يرتبط بذلك قدرة الحكومة على أن تعبر عن نفسها سياسياً وإعلامياً، بصورة فعالة ومستمرة وليست وقتية.
- رفع كفاءة الأداء في التعامل اليومي مع المشكلات المستجدة والمفاجئة، فالحكومة التي نجحت في أن تجتاز أزمات دولية، وخلفها «الحزب الوطني» الحاكم في مصر الذي يمنحها الشرعية، عادة ما تتعثر حين تواجه أي نوع من الأزمات الطارئة، فتتشوه صورتها، وتسوء سمعتها بين الناس، رغم أنها صاحبة إنجاز، وتدفع الحكومة الثمن خصماً من رصيدها، ويدفع الحزب الثمن السياسي لأنها منه، ويعاني الجهازان الإداري والتنفيذي من لعنات الرأي العام.
- التركيز المتواصل، وغير الموسمي، بالجناح المكلف بالأداء الاجتماعي للسياسات العامة، وإعطاء جهد أكبر وخلاق لتنفيذ تكليفات الرئيس المصري في هذا الإطار، إذ لم أزل أظن أن هذه الحكومة تسير على ساقين، الساق الاقتصادية، وهي كاملة الصحة، والساق الاجتماعية، وهي لم تزل «بعافية»، ومن ثم تعوق الأولى.
- وحتى الجانب الاقتصادي، رغم قوته، فإنه يعاني من تباينات كثيرة في الرؤى يمكن قبولها، ولكننا في وقت أزمة، والمطلوب لهذه الاختلافات أن تأخذ وقتاً أقصر لكي تتبلور المواقف بسرعة، وبحيث تظل الاختلافات بعيدة عن المؤثرات التي يمكن أن تتفاعل من خارج الحكومة وما يتعلق بها.
- أعتقد أنه لابد أن تدرك الحكومة كلها، وليس الفريق المختص وحده، أن هناك أزمة دولية مؤثرة ولها نتائجها، وبالتالي وحين ينتقل هذا الإحساس إلى جميع أعضاء الفريق الوزاري فإن المجموعة الاقتصادية لن تكون هي القاطرة الوحيدة التي تدفع بالعمل إلى الأمام.
- لا تحتاج الحكومة إلى أي عثرات يمكن حدوثها خلال تفاعلها مع النواب الذين تستند إليهم في نيل ثقة البرلمان، أي نواب الأغلبية، ومن ثم وفي ضوء أن موعد الانتخابات قد اقترب، فإن على الحكومة أن تتفهم رغبات النواب في تثبيت أركان شعبيتهم في دوائرهم، هذا لصالحهم ولصالح الحكومة، وليس على أحد أن يتوقع أي اختلاف ممكن بين النواب والحكومة التي تنتمي لهم.
إن شهادة الحق تقتضي، باعتباري واحداً من أكثر ممن انتقدوا الحكومة المصرية، منذ انقضاء المئة يوم الأولى لتوليها مهمتها، وأسميتها «حكومة الأيدي الناعمة»، أما وقد اخشوشنت، فإن شهادة الحق تقتضي أن أقول إنها استفادت من قدر هائل من النقد تعرضت له خلال العامين الماضيين، وارتقى أداؤها السياسي إلى حد بعيد، وبالطبع حقق أداؤها الاقتصادي إنجازات كثيرة، ولكن عليها أن تتحلى بمزيد من الانتباه لما هو آت، حتى تبقى على قدر الثقة التي وفرتها لها الإشادات.
عبدالله كمال
رئيس تحرير «روزاليوسف» ومستشار «الراي» بالقاهرة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي