المسرحيتان قُدِّمتا ضمن فعاليات مهرجان «الكويت الدولي للمونودراما»
«سبيليات إسماعيل»... وفاء وصبر وأمل و«أبو الأذنين»... قل خيراً أو اصمت
ضمن فعاليات مهرجان «الكويت الدولي للمونودراما»، كان جمهور المهرجان على موعد، أول من أمس، مع عرضين مسرحيين أولهما كويتي والآخر سعودي.
وعلى مدى أربعين دقيقة مسرحية استغرقها عرض «سبيليات إسماعيل» دارت الأحداث حول امرأة عراقية تُدعى «أم قاسم» اضطرت بسبب الحرب إلى الخروج من قرية «السبيليات» - وهي تقع في جنوب العراق على حدوده مع إيران - وخلال الرحلة يُتوفَّى زوجها «أبو قاسم» بعدما كان أوصاها بدفنه في قريتهما، لكن أولادها يرفضون بسبب الأوضاع والحرب القائمة، ويدفنونه في الموضع الذي تصادف وجودهم فيه بمنتصف الطريق، فتتركهم الأم عائدة إلى القرية وهناك تواجه ظروف الحرب المريرة ومعاملة الجنود السيئة في سبيل حصولها على موافقة منهم لدفن زوجها، لكن مع إصرارها تحقق مبتغاها وتنفّذ وصيته.
ظهر واضحاً تمكُّن شيرين حجي في تقمّصها للشخصية بصورة احترافية، ومدى براعتها في التلوُّن والانتقال بمرونة من حالة شعورية إلى أخرى، إذ تعايشت مع كل شخصية أدَّتها على صعيد تعابير الوجه ولغة الجسد ونبرة الصوت، مما برهن على براعتها في التمثيل، وعكس جهود مخرج كان يقف وراءها بعدما قرأ النص جيداً وتمعّن في ما يكمن بين السطور، ومزجه بما يحمله من خبرة وأفق إبداعي، كما عرف كيف يستخرج من ممثلته أعلى قدراتها في الأداء، واستطاع أن يحركها فوق الخشبة برشاقة فراشة تتنقل من زهرة إلى أخرى بكل حرية وسلاسة. وقد اكتمل النجاح من خلال الديكور البسيط الرمزي المعبّر عن المكان والأزياء المنبثقة من الشخصية ذاتها إلى جانب الموسيقى والمؤثرات الصوتية والإضاءة، وقد مارست هذه العناصر دوراً كبيراً وفعّالاً في نجاح «سبيليات إسماعيل».
ندوة تطبيقية
أعقبت العرض ندوة تطبيقية أدارها الفنان سامي بلال بحضور صنّاع المسرحية، وفيها رأى الناقد الصحافي عبدالمحسن الشمري جرأة في الإعداد والإخراج والتمثيل، في حين قال الدكتور محمود سعيد إن البداية لم تصل إليه بوضوح، معتبراً أن الديكور كان ضخماً، لكنه ذهب إلى أن العرض كان مركزاً وكل شخص يعرف ماذا يفعل.
بدورها قالت هيفاء السقاف: «عشت لحظات المسرحية لحظة بلحظة، لأنني عشتها فعلياً في اليمن، وعشت النزوح، فرسالة العمل جعلت بدني يقشعر، وشعرتُ بكل لحظة فيه، فعلاً عمل أكثر من رائع وأذهلتموني».
وأكدت الدكتورة الإعلامية نورة عبدالله، بدورها: «كان دور المرأة مفعلاً في المسرحية بشكل كبير، واجتهاد المخرج كان واضحاً في أداء الممثلة التي كانت متقنةً لشخصيتها».
أما العرض السعودي «أبو الأذنين» فتتمحور قصته حول شخص يعاني بسبب طول أذنه البالغ، وخصوصاً بعدما بدأ الناس في معايرته ومناداته بـ «أبو الاذنين»، وبسبب ذلك يبتعد عن كل من حوله من بشر، وفي غضون ذلك يتصادم مع أهل المدينة، إذ يجد من يحاول مساعدته لتخطي أزمته، وبالمقابل يجد من يحاول تحطيمه.
الممثل الشاب دغش الدغيش، الذي تُعَد هذه المسرحية هي تجربته الأولى في المونودراما أجاد تأدية الدور بصورة معبرة، وربما ساعده في ذلك بساطة القصة ووضوح الرسالة التي أراد كل من الكاتب والمخرج إيصالها والمتمثلة في أن الكلمة التي يمكن أن تضيء طريق الإنسان، هي ذاتها قد تقتل الإنسان في بعض الأحيان. وجاءت خشبة المسرح خالية من الديكور، اللهم إلا كرسياً وحيداً وُضع في المنتصف مع إضاءة تبدلت استجابة لتعاقب الحالات الدرامية.
وفور انتهاء العرض أقيمت ندوة تطبيقية أدارها الناقد الشمري الذي أشاد بالعرض وبإمكانيات البطل، موضحاً أنه لا يزال طالباً جامعياً، وأنه نجح في تجربته الأولى التي جاءت مونودرامية، مشيداً في السياق ذاته ببساطة النص المسرحي ورؤية المخرج التي وصلت بسلاسة إلى المتلقي.