إن الثقافة بوصفها أداة للفهم والعمل وتنظيم ردود الأفعال، وبوصفها أداة لمقاومة العدوان الثقافي الخارجي تظل في اختبار دائم، وعليها دائماً أن تنجح فيه، لأنها هي ذات الكل المركّب من العقائد والأفكار والمعارف والنظم والأخلاق والعادات والتقاليد السائدة في بيئة محددة، والثقافة هي أداة استيعاب الوجود والنظر إلى الذات والآخر، وأداة مواجهة المشكلات والهيكل المعنوي الذي يتلقى الصدمات المقبلة من الداخل والخارج، واليوم الثقافة أصيبت بالعطب، أو فقدت جزءاً من حيويتها.
لدى كل الثقافات محرمات وخطوط حمراء لا يصح تجاوزها، ولديها مساحات خضراء تسمح بالتنوع والاختلاف والحركة، فالثقافة الناضجة تتعامل مع الاختلافات بعقلانية ولغة مهذبة، وتعتمد الوعي والحوار والتربية أساساً للتخلص من الأقوال الشاذة والأفكار الفجة، أما الثقافة التي لم تبلغ درجة النضج المطلوب، فإنها تعتمد في حسم الخلاف على استخدام القوة وسنّ المزيد من القوانين، كما أن لغة المختلفين تكون متشنجة وبعيدة عن الموضوعية.
قبل أن يتشنج أي عضو ويتهم وزارة الأوقاف بقمع الحريات الشخصية لأنها وضعت إعلانات حملة «حجابي تحلو به حياتي»، هل يجرؤ ذلك العضو أن يتنكر أو ينكر بأن الحجاب ثقافة ربانية وعقيدة إسلامية وقيمة أخلاقية للمجتمع الكويتي لأكثر من خمسين سنة؟! كلنا يعلم أن الإعلام سلاح ذو حدين، ممكن أن يكون هو الأداة التي تصنع النجوم، وتصنع أيضاً المعايير والطموحات، وهو الذي يجعل من «الفنان» و«الفاشينيستا» أشبه بالأبطال القوميين الذين أنقذوا البلاد من كارثة، هو نفسه الذي يتبنى حملات قيمية أخلاقية توعوية لأفراد المجتمع. استنكرت العضو الفاضل أن يحث الإعلام الناس على الالتزام بتعاليم الإسلام، ولم تستنكر الظواهر والممارسات السلبية التي يحث عليها الإعلام نفسه، وهي تعلم جيدا أن الإعلام احدى الوسائل والطرق التي تصلح الناس وتغير اتجاهاتهم والنهوض بذواتهم وتحسين مستوى وجودة الأفكار لديهم أو العكس.