التهويل يشكل منتجاً أساسياً من منتجات طغيان العاطفة على العقل، عندما يحب المرء شيئاً، ويفتن به، يحاول ان يجد شرعية ذلك الافتتان عن طريق كيل المدائح وإبراز المحاسن ورفعه إلى مستوى الأسطورة والغرائب والعجائب... واذا ابغض شيئاً، حاول تسويغه، عن طريق إبراز مساوئه وعيوبه، والهدف من الحالتين واحد، هو اظهار التوازن العقلي والنفسي من خلال صواب موقفه، فضلاً عن أن التهويل والمبالغة في وصف الأشياء والحكم عليها للمديح والذم هي شكل من أشكال خدمة الذات على المستوى العميق.
التهويل والمبالغة من الآثار السيئة لقلة انتشار الكتابة، حيث ان الكتابة تنمي التجريد، والكتابة وسيلة للتواصل بين الناس بطريقة غير مباشرة، وبذلك نفتقد للمفردات اللغوية في ساحات النزال اليومي المباشر، هنا يكون صوت العواطف والانفعالات هو الأقوى لأن استجابتها آنية. أما الأحكام العقلية، والتي عادةً تتكون ببطء، ولأنها تحتاج إلى الأناة والروية والتريث، غالبا ما تتراجع في حالات التواصل الشفهي، وهذا ملحوظ لدى الشعوب المثقفة ثقافة كتابية عالية يتراجع التهويل تراجعاً ظاهراً، وما يكون منه أحياناً بسبب نزعة الأنانية وتقديم المصلحة على المبدأ.
التهويل يتجلى في المدح والذم لأنهما طرفا المعادلة، إذ إن مديح الشيء يقتضي ذم نظرائه ومنافسيه، كما أن ذم الشيء يقتضي أيضاً مديح أنداده وخصومه، والعاطفة تأثيرها قوي في هذا، عندما يمتدح شخص ما ويثنى عليه، فالثناء لا يكتمل من غير ذم منافسيه ونظرائه، ومديح منهج تؤمن به - مثلاً - يقتضي ذم المناهج الأخرى.