لقد قام ونشأ وتأسس الكيان الصهيوني على أساس واحد لا غير، ألا وهو تحريف الحقائق وترويج ذلك التحريف، وأول ما بدأوا بتحريف الدين اليهودي.
فمن الأمور المعروفة في اليهودية المُحرّفة إنهم غيروا اسم الإله الموجود فى التوراة إلى (يهوه) ويُلفظ ياهو، وهو اسم لا معنى له، ويقولون إنه إله الحرب والانتقام من أعداء بنى إسرائيل، ويعتقدون أن هزيمتهم التاريخية بسبب تركهم عبادته، واعتناق عبادة الأوثان، لذلك رجعوا إلى عبادة ياهو، وبنوا له الهيكل والمعبد، وكانوا يظنون أن ياهو يحل في الهيكل، لكن بعد هدم الهيكل زعموا أنه يحل معهم أينما يحلون، ولديه سمات بشرية، فهو معرض للوقوع فى الخطأ، وقدرته محدودة متناهية، وهو يأكل ويشرب ويتعب ويستريح، وكان يسير أمام جماعة بنى إسرائيل المؤمنة ليدلهم على الطريق وهو فى صورة رجل، وطلبوا من موسى أن يصنع لهم عجلاً صنماً ليعبدوه مثل الوثنية.
واليهود بعد تحريف التوراة تكاد تخلو كتبهم من ذكر اليوم الآخر، إلا فرقة واحدة منهم وهم الفريسيون الذين يعتقدون باليوم الآخر، وإن اختلف تصورهم حوله، ويعارضهم بقية اليهود في ذلك، ومن اليهود من يقول بالبعث ولكن في الدنيا ويكون لأحد ملوكهم الصالحين، وبعض اليهود عندما يتكلمون عن اليوم الآخر لا يُفهم ما يريدون.
لقد استطاعوا تحريف الدين، فهل يصعب عليهم تحريف التاريخ والجغرافيا؟
إن الصهيونية خرجت من اليهودية المحرّفة، ووضعت هدفا لها يتمثل في احتلال أرض فلسطين بتزييف التاريخ والجغرافيا، ثم احتلال بقية أقطار الوطن العربي لتأسيس دولة تمتد من النيل إلى الفرات، لذلك لا توجد أي وثيقة صهيونية تحدد حدود دولة اسرائيل المصطنعة.
وما الادعاءات الحالية بمطالبة الكيان الصهيوني بتعويضات من بعض الدول العربية عن ممتلكات اليهود منذ عهد الرسول حتى الآن إلا دليل على ما نقول، فها هي إسرائيل تطالب السعودية بـ100 مليار دولار، وتطالب الحكومة المصرية برد أملاك اليهود المصريين الذين تركوا مصر منذ بداية 1948، وتطالب موريتانيا والمغرب والجزائر والعراق ولبنان والأردن والبحرين بتعويضات عن أملاك 850 ألف يهودي بقيمة 300 مليار دولار، مقسمة بينهم طبقا لتعداد اليهود عام 1948!
ويتناسون أن الصهيونية هي التي بثت الرعب في قلوب اليهود العرب في مختلف الأقطار العربية، وحرّفت الأحداث وأرغمتهم أن يهاجروا إلى (أرض الميعاد) لكي تزداد أعدادهم هناك.
كما يتناسون الرعب والمجازر التي فعلوها لقتل وتهجير الشعب العربي الفلسطيني صاحب الأرض الأصلي من مدنهم وقراهم واحتلالها قسرا وقوة.
سياستهم في الشرق الأوسط، برا وبحرا وجوا، السيطرة على الأرض والبر جغرافيا، والسيطرة على البحار والأنهار، والسيطرة على الفضاء عبر الأقمار الاصطناعية.
والوسيلة لتحقيق هدفهم هي السيطرة غير المباشرة على العالم، من خلال السيطرة على: المال، والإعلام، والعلم، والقوة والسلاح، والتكنولوجيا، وصناعة الموت والدمار، عبر تجارة الحرب والسلاح.
ولا يتأتى لهم ذلك إلا عبر التنظيم الدقيق الداخلي والخارجي والعالمي، لذلك خلقوا منظمات في كل قطر عربي، بل وفي كل دول العالم، ثم صنعوا منظمة عالمية تجمع تلك المنظمات في بوتقة واحدة، لكي تضخ في بوق واحد ما يريدون، وترّوج تحريفاتهم الدينية والتاريخية والجغرافية.
وقد كان لهم ما يريدون، نعم استطاعوا احتلال أرض فلسطين كلها، فحتى الأراضي التي قانونيا ضمن نطاق السلطة الفلسطينية، هي تحت سيطرتهم في كل شبر منها، ويكفي أن التعامل التجاري في كل الأراضي الفلسطينية يتم قسرا بالشيكل الصهيوني، وغير مسموح للسلطة إصدار أي عملة فلسطينية!
وعلى الرغم من مرور أكثر من سبعين عاما على احتلال فلسطين، ما زال الشعب الفلسطيني صامدا يقاوم على أرضه، كان الصهاينة ومازالوا يراهنون على الوقت والزمن، وكانوا يتوقعون أنه في غضون عشر سنوات سيتم احتلال فلسطين كلها، لكن لأن الشعب الفلسطيني شعب الجبارين، عصي على الاحتلال والتطويع، على الرغم من الخيانات الداخلية والخارجية العربية، وعلى الرغم من الظروف العالمية التي تقف ضده، إلا أنه ظل يقاوم، لذلك استغرق من الصهاينة كل ذلك الوقت لمحاولة السيطرة على أرض فلسطين، وإذا شعر هذا الكيان أنه حقق هدفه الأول، فسيعمل بخبث ودهاء لتحقيق مطامعه ومدّ نفوذه وسيطرته إلى مختلف الأقطار العربية، وبالطبع الشعوب العربية كلها ستقف له بالمرصاد ولن تقبل المهادنة ولا التطبيع، لكن ماذا عن الأنظمة العربية؟ هل تسمح للكيان الصهيوني بتحقيق أهدافه وتفتح له الأبواب مرحبة أم أنها ستضع يدها في يد شعوبها وتقاوم؟
[email protected]