معالجة نفسية

قصة المرأة والتاجر

تصغير
تكبير
كان يا ما كان في قديم الزمان، تاجر ذكي يحلم بالحصول على المال الوفير من دون الاحتياج الى الكثير من المال. كان التاجر يسافر على متن السفينة مع تجار اخرين ويسألهم عن بضاعتهم ويفكر ويحسب أي بضاعة أوفر مالاً له، الى أن وصل الى تاجر الجواري ذاك الذي يأسر الفتيات الجميلات من مختلف البلدان ويأتي بهن الى بلاده. يعرض الفتاة في سوق النخاسة وهي شبه عارية كي يختارها الأغنياء.

وقع اختياره على هذه الحرفة فهو يحب المال ويحب النساء وهذه التجارة تجلب له الاثنين.


بدأ تجارته ودرت عليه الربح الوفير، لكن هناك مشكلة مع من يبقين من دون أن يشتريهن أحد، فقرر أن يفتح بيت الهوى ويتاجر بهن ليلاً، لما لهذه التجارة من ربح وفير أيضاً.

مرت الأعوام والسنون. تغيرت الأقوام والقوانين... أصبح القانون والمثقفون يستنكرون تجارة الجواري ويحاربون الاتجار بهن. ففكر في تغيير تجارته قبل أن يصيبه المنع والاستنكار. خطرت بباله فكرة رائعة ترضي الجميع ولا تكلفه عناء السفر وتكلفة حياة الجواري حتى يحين بيعهن. ذهب الى تجار البضائع وقال لهم: لدي طريقة تضاعف إقبال الناس على بضاعتكم أضعاف أضعاف ما هي الآن بشرط أن تدفعوا لي النسبة التي أقررها من ارباحكم. قالوا له: وما فكرتك؟ قال: لدي من النساء أجملهن وانتم لديكم المصانع والبضائع... فتياتي يصوِّرن بضائعكم باجسامهن الجميلة الغضة المثيرة، فيقبل الناس عليكم حباً ولهفةً عليهن.

حين علمت الجواري بالخبر، فرحن جداً وشكرن التاجر على انسانيته وحركته الرؤوفة، وهرعن الى المتاجر يأخذن البضائع ويصوِّرن الصور، وهن في قمة السعادة لأنهن الآن أحرار من العبودية.

فكر التاجر، لماذا يستمر بالمحافظة على بيت الهوى ومَن فيه، حيث يجب أن يتكفل بمؤونتهن ومأكلهن وملبسهن؟! لماذا لا يجعل المدينة كلها بيوتاً للهوى ويأخذ منهن نسبة من الارباح؟!

فذهب الى ذاك البيت وحرر تلك الفتيات أيضاً فارتمين على يديه وقدميه يقبلنها لأنه منحهن حريتهن وخرجن سعيدات وهن لا يعلمن أنهن لا يجدن حرفة غير ممارسة الهوى... لكن كيف؟ جاء التاجر يهرع إليهن في هيئته الانسانية ليمدهن بالأدوات اللازمة لجلب الناس بشرط ان يساعدنه بنسبة بسيطة من الارباح. قبلن شرطه بسرور وهن في قمة السعادة لأنهن تحررن من العبودية!

لكن الأكثر سعادة كان التاجر الذي اصبح يقودهن حسب خيوطه اللامرئية الى المحل الذي يريد والبضاعة التي يريدها ويأخذ أموالهن التي يحصلن عليها، سواء العارضات او بائعات الهوى حين يبيع عليهن بضائعه الجديدة. وهكذا مارس مهنته القديمة بثوب عصري انساني لامع، وهو يعلم أن الجواري ما زلن جواريه والفتيات ما زلن يعملن لديه.

ذهبت فتياته سعيدات ليحتفلن بهذه الحرية ويأكلن ما يحلو لهن من الطعام والشراب، لكن سرعان ما وصلت اليهن رسالة سيدهن تحذرهن: لو ازداد وزنكن عن الرقم المحدد، فلن تتصدر صوركن المجلات والشوارع والمحلات ولن تدخلن البيوت. توقفن عن الاكل وهن سعيدات... لا يهم الاكل، ما دامت الشهرة موجودة. نحن أحرار نحن سعداء.

كن سعيدات رغم كل ذلك تماماً كالدول المستعمرَة، لكن تحت الاستعمار الجديد من دون وجود جيش وحرس ومن دون القدرة على اتخاذ أي قرار إلاّ بإذن المستعمِر ومباركته...

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي