No Script

حوار / «عندما أعثر على نص جيد أعود إلى التمثيل»

هيفاء عادل لـ «الراي»: قلبي ينزف قهراً على الفن الكويتي الحالي!

u0647u064au0641u0627u0621 u0639u0627u062fu0644
هيفاء عادل
تصغير
تكبير
الغالبية في المجال الفني اعتادت مشاكله... مهما حاولت التعديل فـ «راح تقعد ببيتك»

كثير من الدراما التي نشاهدها ذات محاور واحدة وقصص متشابهة كأن كاتبها واحد فقط!

يزعجني أن تتصل بي شركات الإنتاج وتسألني أولاً: «جم تاخذين أجر»؟ عيب هذا السؤال

هناك ممثلون وصلوا إلى مصاف النجومية التي لا يستحقونها بسبب «الواسطة» التي دمرتنا
الحديث مع الفنانة هيفاء عادل ينبغي التوقف عنده طويلاً!

ليس فقط لأنها قطعت مشواراً طويلاً في عالم الفن، أتاح لها أن تمتلك رصيداً وافراً من فنون الدراما، سواء فوق خشبة المسرح أو على شاشة التلفاز... بل لأنها تحمل خبرة فنية ورؤية نقدية، تجبران من يستمع إليها على أخذ آرائها بمحمل الجد!


«الراي» التقت هيفاء عادل، لتطرح عليها أسئلة عن الفن والفنانين، والعلاقات بينهم، ورؤيتهم للفن، وهل تجد في هذه الرؤية اختلافاً بين الماضي والحاضر، وكعادتها أجابت عادل عن الأسئلة بعيداً عن الكلمات المنمقة، والعبارات المحسوبة... فاكتست آراؤها بالجرأة والصراحة والغيرة على الفن!

هيفاء عادل، التي تعتز بأنها تعلمت في مدرسة الراحل صقر الرشود، ونهلت الكثير من المبادئ الفنية من جيل الكبار، ومن بينهم الراحل عبدالحسين عبدالرضا، تطالب الجيل الجديد بعدم الاستخفاف برسالة الفن، وعدم التفريط في الموروث الفني الكويتي الذي حفر رعيلها الأول في الصخر لكي يرفعه عالياً، وحضت شباب الفنانين الآن على أن يتقنوا العمل كي يكملوا الطريق... حتى لا ينزف قلبها قهراً على الفن الكويتي الحالي (على حد تعبيرها).

هيفاء عادل باحت بالكثير من الآراء، التي لا تنقصها الصراحة... أما التفاصيل فتأتي في هذه السطور:

• كيف تطمئنين جمهورك عن حالتك الصحية؟

- بحمد الله يمكنني القول إن حالتي الصحية قد أصبحت أفضل من السابق وتحسنت، ومن خلال «الراي» أودّ أن أشكر جمهوري جميعاً على سؤالهم الدائم عنيّ، سواء من خلال الاتصال أو سؤال المعارف، وحتى عن طريق إرسال «المكاتيب» التي ولّى زمنها الجميل، لكنهم ما زالوا يحاولون بكل الطرق الوصول إليّ، وأتمنى منهم أن يلتمسوا لي العذر عن انقطاعي الفني، فأنا ملتزمة بالحضور إلى جانب ابني خلال فترة علاجه، لكن بإذن الله سأطلّ عليهم بعمل جديد مقبل يليق بمستواهم الراقي، عندما أجد النص الجيد يطرح الرسالة التي أريدها.

• كيف تقيِّمين وضع الساحة الفنية الكويتية اليوم؟

- لا أستطيع إصدار حكم نهائي في هذه المسألة، وأكون «كذابة» إن قلت إنني أشاهد جميع الأعمال التي تعرض على شاشة التلفاز، لكنني في الوقت نفسه لا أستطيع أن أغيب تماماً عن هذ العالم الذي أعتبره عالمي الخاص، وبيتي الكبير الذي بنيناه مع زملاء الدرب، وبحسب وقتي وظروفي شاهدت كمّاً من الأعمال الدرامية، ومع الأسف هناك بعض الأعمال دون المستوى، وربما هذا هو السبب الثاني الذي حال دون ظهوري في الفترة الماضية كلها، نعم أقولها: إنني حزينة على واقع الفن الكويتي.

• لكنك تمتلكين شركة إنتاج خاصة بك... لماذا لا تنتجين عملاً بالنص القوي الذي تبحثين عنه؟

- صحيح أنني أمتلك شركة إنتاج، ولديّ بعض النصوص الدرامية القوية، لكن عملية الإنتاج ليست بالسهلة، بل تحتاج إلى تفرغ كبير ومجهود ووقت، وهو الأمر الذي لا أملكه في الفترة الحالية، فصناعة العمل الدرامي، كما تعلمتُ، تحتاج إلى تحضير وتجهيز طويل مسبق حتى قبل الوصول إلى اختيار طاقم العمل (الكاسْت)، وأنا أريد التركيز على عملي كممثلة في المسلسل، من دون أن أشتت نفسي في مسائل أخرى إنتاجية.

• إذاً نستشف من كلامك أن عدم وجود النصّ هو أحد عوامل غيابك عن الساحة؟

- نعم صحيح، لكن هناك مسألة أخرى جعلتني أشعر بالحيرة من أمري من دون أن أجد تفسيراً لها، حيث إن نسبة كبيرة من النصوص الدرامية التي نشاهدها على شاشة التلفاز جميعها ذات محاور واحدة، وقصص متشابهة، كأن الكاتب هو واحد فقط، والبقية قد أخذوا القصة، ووضعوا عليها البهارات الخاصة بهم، أو أن هناك من يسرق قصة الآخر ويضع عليها لمساته، ومع الأسف هذا شيء محزن.

• كانك تشعرين بالحنين إلى الدراما الكويتية الماضية؟

- جداً، «وين كنّا، ووين صرنا اليوم»، ففي الماضي كانت للنص قيمة واحترام، وأول ما كنا نفعله عندما كنا نتجهز لصناعة عمل تلفزيوني هو «بروفة طاولة»، وهي مرحلة قد تمتد إلى ثلاثة أشهر، حيث نبدأ بالنقاشات في ما بيننا ونجري التعديلات برحابة صدر، حتى نتشرب النصّ ونفهمه جيداً، وهو ما نفقده اليوم، وهو أيضاً سبب نجاح ما سبق أن قدمناه من أعمال إلى يومنا الحالي. في الماضي كنّا نعمل بحب وإخلاص وأمانة، كنأ نقرأ النص من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة كاملاً، أما اليوم «شوف عيني» ترى الممثل يأخذ صفحات دوره ويقرأها وحدها فقط من دون أن يعير انتباهاً لبقية النص، فأستغرب كيف يمكنه أن يعيش الشخصية ويقدمها بالصورة الصحيحة والمقنعة، إن لم يفهم السابق واللاحق من أحداث!، فعلاً هذه مشكلة كبيرة.

• خلال انقطاعك عن المشاركة في الأعمال التلفزيونية أو المسرحية طوال هذه الفترة، هل وجدت اهتماماً من القائمين على الحركة الفنية بالكويت؟

- كلا، مع الأسف، ففي الماضي عندما كان الفنان يغيب موسماً واحداً فقط عن الظهور، يأتيه اتصال هاتفي من المسؤولين يطلبون حضوره إلى المكتب لسؤاله عن سبب ذلك الغياب، وفي حال وجود مشكلة ما يتم حلّها بصورة سريعة من أجل أن يستمر في عطائه، ومع الأسف الفنان اليوم عندما يغيب «محد يسأل عنه».

• هل يمكنك القول إنك قد أخذت حقك ومكانتك الفنية اليوم؟

- بمنتهى الصراحة، لقد تعبت كثيراً حتى بنيت اسمي الفني، وأتشرف بأنني قد تتلمذت على يدي الراحل صقر الرشود، وعملت مع زملائي الفنانين الذين لهم مكانتهم وثقلهم في الساحة، وأفتخر بأنني أمتلك جمهوراً لا يزال يتابعني برغم انقطاعي الطويل عنهم. لكن مع الأسف في اللقاءات التلفزيونية أو حتى الصحافية عندما يُسأل بعض الضيوف عن نجوم عمل ما، يسردون أسماء الجميع ويُتجاهل ذكر اسمي، وهو أمر جعل جمهوري يطرح أسئلة حيال الأمر وجعلني أتعجب منه، لأنه بهذه الطريقة قد هُضم حقي الأدبي من دون مبرر. وبالمقابل حينما أتعرض أنا للسؤال ذاته أذكر اسم الجميع من دون استثناء لأنني تربيت فنياً على هذه المبادئ، فهذا حقهم المشروع.

• هل يهمك مسألة ترتيب اسمك في «تتر» الأعمال؟

- في السابق لم يكن يهمني الأمر، ولم أكن أتناقش فيه حتى، لأن الأسماء معروفة وترتيبها معروف أيضاً لدى الجميع، أما في أيامنا الحالية فمع الأسف بات لزاماً عليّ أن أضع ذلك ضمن شروط العقد المبرَم بيني وبين الجهة المنتجة، حيث إن بعض المنتجين ممن تعاملت معهم يضعون اسمي في غير موضعه المستحق، وبالمقابل ترى أسماء شابة «توها طالعة» وضعت قبل اسمي، وهذا الأمر لا يصحّ بتاتاً. ولا أخفيك القول إنني أشعر بالحرج الكبير عندما أذكر هذه المسألة، خصوصاً بعد هذا التاريخ الفني الطويل.

• هل أجر الفنان يزيد بحسب سنوات خبرته؟

- بالنسبة إليّ مسألة الأجر لا أكترث بها بقدر ما يهمني النصّ الذي سأقدمه والشخصية التي سأتقمصها، وأكثر ما يزعجني عندما تتواصل معي شركات الإنتاج، فيأتي أول سؤال على الفور كالصاعقة على مسمعي: «جم تاخذين أجر؟»، عيب هذا السؤال. حيث يكون ردي عليه أنني يجب أن أقرأ النص أولاً كي أقرر مشاركتي أو لا، ومن ثم تأتي بقية التفاصيل الأخرى.

• هل الممثلون الشباب ملتزمون في أعمالهم كما كان في الماضي؟

- البعض منهم غير ملتزم بتاتاً في مواعيده، وهذه كارثة كبرى، حيث ينسّق ما بينه وبين مدير الإنتاج أو مساعد المخرج ويغيب عن «اللوكيشن»، وبالتالي يصبح هناك تغيير في التصوير مما يضع حملاً ثقيلاً على الممثل الموجود، «عشان عيون فلان أو فلانة» من خلال زيادة تصوير مشاهد أكثر له استفادة من الوقت الذي قد هدره زميل آخر. اليوم وبكل أمانة أقولها إن قلبي ينزف قهراً من كل تلك الأمور الحاصلة في المجال الفني الكويتي، فهذا عملي الذي أحبه وأعشقه والرسالة السامية التي أعطيت من صحتي ووقتي وحياتي الكثير حتى أوصلها، ومع الأسف جاء جيل لا يعي ولا يقدّر ما ضحّى به غيرهم من أجله.

• في تقديرك، هل هناك ممثلون باتوا نجوماً لا يستحقون ما وصلوا له؟

- مع الأسف نعم، هناك من وصل إلى مصاف النجومية، وهو لا يستحقها بسبب وجود «الواسطة»، سواء كانت من مخرج أو مساعده أو منتج أو حتى القنوات. وإن أردنا أن نصبح أفضل فعلينا أن «نفتكَّ من هالواسطات وبنكون بخير»، فقد أصبحت تأكل وتهدم حقوق أناس مخلصين يحبون عملهم، وتمنحه لمن لا يستحق.

• من وجهة نظرك، ومن واقع خبرتك الفنية... ما الحل الجذري لإنهاء كل المشاكل التي ذكرتها؟

- «تعدل منو ولا منو»، فالمشكلة الكبرى أن الأغلبية في المجال الفني قد اعتادوا على ما به من مشاكل، وبالتالي من الصعب جداً انتزاعهم من تلك الحياة التي اعتادوها، فمهما حاولت واجتهدت في التعديل فـ «راح تقعد ببيتك»، وكما يقول المثل «إيد واحدة ما تصفق».

• هل هناك مسرح يشدّك للمشاركة فيه؟

- لا مقارنة بين الأعمال المسرحية التي قدمناها في الماضي وأعمال اليوم المسرحية، وبالنسبة إليّ لم أسمع عن وجود مسرح للكبار اليوم في زمننا الحالي. وهنا كلمة حق أريد أن أقولها في الفنان حسن البلام، فهو مجتهد، «ويطلع منه وايد»، وشخصياً حضرت له مسرحيتين، فرأيت أن الكوميديا التي يقدمها حلوة وفيها مضمون.

• ما رسالتك لجيل المسرح الشبابي المقبل؟

- أقول لهم: تعلموا من مدرسة الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا معنى الكوميديا الحقيقية الراقية البعيدة عن الإسفاف، بوعدنان تعب واجتهد... «ما في مثله، ولا راح يجي مثله فنان»، الفن الكويتي أمانة في أعناقكم حافظوا عليه، لأن هناك أناساً تعبوا «وحفروا في الصخر»، حتى رفعوه عالياً في كل المحافل، تقدموا به خطوات إلى الأمام، ولا تعودوا خطوة إلى الوراء.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي