من أقبح الصفات التي يمكن أن يتصف بها إنسان أو حزب أو تكتل، هو التناقض في الأقوال أو الأفعال، والتلوّن في المواقف والقرارات. والمتأمل لواقعنا المحلي أو العربي سيجد العديد من الشواهد والأمثلة.
على المستوى المحلي، هناك أفراد وجهات هاجموا النواب والحركات التي قاطعت انتخابات الصوت الواحد 2012 و2013 واتهموهم بأنهم عديمو الوطنية، ولما شارك بعض المقاطعين في انتخابات 2016 اتهمتهم الجهات السابقة نفسها بأنهم نكثوا بوعودهم، وشاركوا بحثاً عن مصالحهم!
كان هناك من يتهم بعض نواب الأغلبية في مجلس 2012 الأول والمبطل، بأنهم دعاة تأزيم، وتعطيل لمصالح البلاد، ولما شارك بعض هؤلاء النواب في تفاهمات بين المعارضة والحكومة من أجل استقرار البلاد وعودة الجناسي ورفع القيود الأمنية، اتهموهم ببيع المبادئ والبحث عن المصالح! «ارسوا يا جماعة على بر»!
بعض النواب الحاليين طالب في مجالس نيابية سابقة ببسط سلطة القضاء على موضوع سحب الجناسي، ولكن وبقدرة قادر تبدل الموقف ليصوّت النواب أنفسهم في هذا المجلس ضد مشروع التعديل المقترح على قانون المحكمة الإدارية والذي يُطالب بأن يكون للقضاء سلطة في موضوع سحب الجناسي! فلماذا تبدلت المواقف؟
البعض يطالب بتشديد العقوبات ضد من يثبت انتماءهم لـ «داعش»، لكنه يلتمس الأعذار ويسوق التبريرات لـ «خلية العبدلي»، ويدعو إلى تبرئة ساحة أفرادها أو تخفيف العقوبة عليهم!
وإذا انتقلنا إلى عالمنا العربي والإسلامي، فلن يخلو من هذه التناقضات. ففي اليمن على سبيل المثال، هناك شخصيات يمنية من الفكر «الجامي» كانت تدعو وتطالب بطاعة ولي الأمر ولو جلد ظهرك وأخذ مالك، لكنها انقلبت على دعواها لتشارك في الانقلاب على شرعية الرئيس هادي، فتحمل السلاح وتنضم إلى ما يُسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وتكون «رأس حربة» فيه!
البعض من العرب واليمنيين يعتبر عمليات الحوثي وسيطرته على صنعاء انقلابا على الشرعية، لكنه لا يسمي ما يحدث في عدن، بالانقلاب!
بعض العرب والمسلمين يعتبر النظام الرئاسي في أميركا، ديموقراطية، لكن بسبب عدائه لأي توجهات إسلامية، فإنه يعتبر انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي هو إحدى صور الديكتاتورية! يا سلام!
أتعجب ممن يُطالبون بالانتخابات والديموقراطية في بلادهم، فإذا فاز فيها أصحاب التوجهات الإسلامية، كفروا بنتائجها، وقالوا هذه شعوب غبية لا تستحق إلا أن تحكم بالديكتاتورية! عجيب!
هاجموا بعض التحالفات العربية والتي تسعى لتكوين ما يُسمى بـ «الهلال السني»، لمواجهة التمدد الإيراني، لكنهم متحمسون ومؤيدون لـ «القمر الشيعي» الذي دعا لتحقيقه زعيم «عصائب الحق» في العراق قيس الخزعلي، والذي يهدف إلى بسط السيطرة على منطقة الخليج والجزيرة العربية وبلاد الشام!
من العجيب أن يُباح لبعض الأنظمة، التعاون مع العدو الصهيوني تحت بند ضرورات أمنية، لكن يحرُم ذلك عندما يتواصل رئيس عربي منتخب مع رئيس عربي آخر من أجل مصلحة بلاده، فيتهم بالتخابر مع دولة أجنبية!
من العجائب والغرائب أن تُطالب الحكومة العراقية، تركيا بأن تحترم سيادة العراق على أراضيه، بينما تصمت عن الانتهاك الإيراني الصارخ وعبثه في السيادة العراقية جواً وبراً وبحراً!
هناك الكثير والكثير من التناقضات التي نشاهدها، لكننا نسأل الله تعالى أن يلهمنا الرشد، ويبصرنا بالحقائق، فنحن في زمن يُخوّن فيه الأمين، ويُكذّب فيه الصادق، ويتصدّر المشهد في الكثير من المواقع «الرويبضة».
Twitter: @abdulaziz2002