2 > 1

جزاء سِنِمّار

تصغير
تكبير
هذا كلام الحكومة في ردها الخميس الماضي على اقتراح لجنة الداخلية والدفاع بخصوص تجنيس ما لا يقل عن الألفين ولا يزيد على الأربعة آلاف بالسنة.

بصراحة انتابتني الدهشة، وأنا أقرأ رد وزارة الداخلية الرافض لمقترح اللجنة، لكثرة التناقضات في كلامها، حيث تقول الداخلية «لا يكفي أن يؤدي الشخص خدمات جليلة للكويت حتى يكسب الجنسية، بل يجب أن ترضى حكومة الكويت بتجنسه». ما أعرفه أن لدينا بالكويت خمسة أضلاع: الشعب، البرلمان، الحكومة، القضاء، مؤسسة الحُكم. المجموعة كلها تُسمى الكويت. فإن لم تكن الخدمات الجليلة تكفي، فأي شيء يكفي للتجنيس، صدق من قال «جزاء سِنِمّار». سنمار هذا مهندس عراقي (أو رومي) بنى قصراً للنعمان بن امرئ القيس، فكان جزاؤه بعد الانتهاء أن قُذف من أعلى القصر!


رسالة الحكومة أن الكويت ليست مدار ولا محور اهتمام الحكومة بل مصالح القائمين عليها. أعتقد ما تقصده الداخلية بأنه لا يكفي أن تُحارب ولا تستشهد ولا تُبرز الوجه الحضاري للبلد ولا تنال جائزة نوبل بالكيمياء ولا الفيزياء، كل ما نريده منك أن تكون بوابا أو سائقاً لأحدهم لتحظى بشرف الجنسية. وأما المواطنون فهذه رسالة أخرى، أن استمرارية مواطنتكم ليس سوى رضا الحكومة عليكم لا غير.

بالنتيجة هذا الجواب يهدم مفهوم الوطن والمواطن معاً. فلا معنى أن تعمل لوطنك، فالوزارة تؤيد ما نسب إلى وزير آخر قبل أيام، بأنه غير واثق من استدامة الكويت. فهذا الجواب يأتي في السياق نفسه ما يعكس كيف تنظر الحكومة للبلد.

أيضا جاء في جواب وزارة الداخلية، أن المشرّع أجاز للحكومة التجنيس بناء على عرض الداخلية وبناء على بعض الشروط (كاحصاء 1965 واستمرارية الإقامة فيها) وأن يصدر قانون بتحديد العدد الذي يجوز منحه الجنسية كل سنة. ثم بعد ذلك وفي فقرة لاحقة من جوابها، تقول الوزارة «فإنه بذلك يكون قد خرج على القاعدة المعمول بها في شأن التجنيس سالف الذكر، ومفادها أن التجنس من مسائل السيادة المطلقة للدولة وفقا لما تقره الحكومة، فضلا عن ان توقيت اصدار مثل هذا القانون يخضع لمحض تقدير الحكومة، وهو ما نرى معه عدم الأخذ بالمقترحات سالفة الذكر». طيب إن كان محض تقدير الحكومة (وهو الفكر الاستبدادي بالمناسبة) فما شأن القانون والمجلس والتشريع، وإن كان القانون هو سيد الموقف (على اعتبار أنها دولة المؤسسات) فماذا تعني مقولة تقدير الحكومة!

التجنيس موقف مكركب ولا يمكن أن نفهم من جواب الداخلية، سوى أننا كشعب علينا انتظار الحلقة الأخيرة لمسلسل الكويت.

hasabba@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي