من الأمور التي ما زال يتمسك بها الكثير من مجتمعاتنا العربية والإسلامية، هي احترامها وتقديرها للعلماء وشيوخ الدين.
نلمس ذلك من خلال حسن الاستقبال، وطيب الكلام، وكرم الضيافة، الذي يتلقاه هؤلاء المشايخ والعلماء في الدول أو المجالس التي يزورونها، أو في اللقاءات أو المحاضرات التي يشاركون فيها.
وهذا التقدير والاحترام إنما هو للعلم الذي يحملونه، والرسالة السامية التي يقومون بها في تفقيه الناس ودعوتهم للخير.
وبحمد الله تعالى أن معظم من يعرفهم الناس من العلماء وشيوخ الدين هم من أصحاب الورع والتقوى، والنزاهة وعفة اليد.
وبحمد الله أن حملة التشويه التي مارستها - ولا تزال - بعض وسائل الإعلام، وبعض الأقلام الصحافية لم يكن لها ذلك الأثر الواضح في ابتعاد الناس عن العلماء والدعاة.
ومع هذا فإننا لا نبرئ بعض من اتصفوا بالعلم والمشيخة من أن تكون لهم بعض الحظوظ الدنيوية التي باعوا بها الدين وتنازلوا فيها عن المبادئ والقيم.
أولئك الذين ينطبق عليهم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام «يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا».
شواهد هؤلاء موجودة في بعض القنوات الفضائية التي يظهرون منها على المشاهدين، وخاصة بفتاواهم ذات البلاوي.
فبعضهم يحلل الحرام، ويحرّم الحلال إرضاء لقرار رئاسي. وآخر يبرر إراقة الدماء وسجن الأبرياء، وتعذيب المعارضين، ويطلق عليهم لفظ «الخوارج» كي يبيح دماءهم، ويرفع الملامة عن قاتلهم، رغم أنهم لا يحملون فكر الخوارج ولا يدعون للخروج على الحاكم!
ورابع يحارب رفع الأذان في المساجد كي يتوافق مع أهواء الحكومة في بلده.
وآخر يهاجم المناهج الدراسية ومادة التربية الإسلامية، ويدعو إلى حذفها أو تغييرها، لأن تلك هي رغبة المسؤولين!
لقد أباح البعض منهم الربا واعتبره داعما للاقتصاد لأن الدولة تريد ذلك مع أن الله تعالى يقول «وأحل الله البيع وحرّم الربا».
وهناك شيخ معمم يدافع عن استيراد بلده للخمور والسماح ببيعها، بحجة وجود غير المسلمين، مع أنها دولة إسلامية، ودستورها ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع!
لقد فضحت بعض القنوات الفضائية هؤلاء الذين يخرجون على شاشاتها، وتعرّف الجمهور على زيف علمهم، الذي ظل الناس مخدوعين به لسنوات طويلة.
ولعل هذه من فتن الدنيا التي يميز الله تعالى بها الخبيث من الطيب.
إن على من يحمل العلم ويتصدر لدعوة الناس أن يخلص دعوته لوجه الله، وألا يتطلع لما عند الناس من زخرف الحياة الدنيا، والمفتي - كما وصفه الإمام ابن القيم - إنما هو موقّع عن الله، فلا يجوز له أن يفتي إلا بما علم، وبما يرضي الخالق، لا ما يرضي المخلوقين.
وعلى العلماء والمشايخ والدعاة أن يسألوا الله تعالى السلامة، وألا ينقطع أحدهم عن ترديد الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم «يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك».
Twitter:@abdulaziz2002