رأي قلمي

هذا ما خطه قلمي..!

تصغير
تكبير
اليوم يخط قلمي ما لمسه وسمعه وشاهده من أحداث دامية، اتهامات وتراشق من كل حدب وصوب بتزوير الجناسي وما يتبعها من طعن في انتماء وولاء لأشخاص نشأوا وتربوا في بلدهم الكويت. كلنا يعلم أن هناك قوى وتيارات وجماعات لها مد وامتداد وأجندات خارجية تهدف تنفيذها، وهذه القوى ليس لها دور إلا بلورة جو التوتر - بمباركة حكومية وشعبية - وتزويد الأطراف المتصارعة بوعي ذاتي قوي وتثبيتها على مواقفها وتوحيد صفوفها، وإن كانت تعلم علم اليقين أن لا دور فعّالا لها في الإنتاج والتطوير والإصلاح، ولكن هذا ما كان ظاهراً للمجتمع، ودورها المخفي بالفساد والإفساد أكبر وأعظم.

هناك جماعات تنتج الفكرة الطائفية والعرقية وترعاها وتراها جزءاً من استراتيجية اجتماعية، بزيادة التوتر السائد منذ فترة، فكانت السياسة الثقافية تهدف وترمي إلى تعميم وتأصيل روحي وفكري لتلك الأفكار الموبوءة، وما عزز وثبت تلك الثقافة التصورات المختلفة التي قدمها المجتمع لنفسه حول ذاته وممارسته، وهي في الواقع ليست إلا نوعاً من الأسلحة الذهنية التي تسنّها وتبلورها قوى اجتماعية معينة، ذات فكر متعصب لا دور لها إلا اختلاق التوتر، وكانت هي الأداة المبطنة التي تدعي حاجة المجتمع إلى التغيير والتطوير.


فنحن بحاجة ماسة إلى تحرر الأرواح واستقلاليتها من الفساد المستولي عليها قبل الجوارح والأجساد، فقد انقلبت الموازين وأصبحوا من هم في موضع المسؤولية أقرب إلى الفساد وأبعد عن الإصلاح، ليس من الحكمة والحصافة والعقلانية أن ننتهج نهج اتهام الآخرين بولائهم وانتمائهم للكويت، ونعتهم بأبشع النعوت (بالمرتزقة)، وهذا ما هو إلا نتاج لدناءة النفوس وأمراض القلوب، كيف نضحي بأشخاص لا تتقلد إلا كل وفاء وإخلاص لأرض الكويت؟.

والدليل والبرهان أحداث الاحتلال العراقي الغاشم على دولة الكويت، وما سجله التاريخ من تضحيات ومواقف مشرفة لأبنائها، نحن لسنا ضد محاسبة الفاسدين من زوّروا الجناسي لمصالح وأغراض شخصية، فليأخذ كل ذي حق حقه من كلا الجانبين، المصلح والمفسد، فنحن ضد ونعارض بشدة المنهاج السقيم الذي انتهجه أصحاب النفوس الواهنة في الوصول لمآربهم على حساب مجتمع لا تخفي عليه خافية من تلك الممارسات الطائفية والعرقية المخجلة بعد ما فقدوا جادة الصواب، وحادوا عن الطريق القويم إلى طريق الذل والهوان والتبعية للأسياد.

خاب من ظن أن السياسة هي تكسب مصالح على حساب المجتمع وأفراده، فالسياسة أعمق وأشمل مما يظنون فهي تنطلق من الشريعة، وتتقيد بنصوصها وأحكامها، وتدعو للعدالة والإنصاف الاجتماعي، والسياسة تواكب التطورات الداخلة على تصرفات الناس وأوضاعهم فهي تقيم وتقوّم وتصلح تلك التطورات والتصرفات والأوضاع. هناك آداب وقيم للشخص السياسي خاصة ولكل فرد يحمل الجنسية الكويتية عامة، لا يجوز أن نتجاوزها أو نتخطاها، محافظة منّا على تاريخ الكويت السياسي، وعلى الأمانة التي نحملها بالمحافظة على تماسك وتلاحم أهل الكويت، فالتاريخ هو الأحداث والمواقف التي نصنعها بالممارسات السلبية والإيجابية، وها هو التاريخ يرصد ويسجل ما حدث من خيانة للأمانة بالطعن والاتهام السافر لشريحة من أبناء المجتمع الكويتي، فقد آن وقت التوعية الفعلية للمجتمع بمنهجية قيمة التعايش والتجاذب ورفض التنافر والتناحر، حتى نتخلص من بعض النفوس الرديئة التي تستميت وتقاتل من أجل تمزيق النسيج المجتمعي بتأصيل مفاهيم الطائفية والعرقية البغيضة.

[email protected]

mona_alwohaib@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي