رأي قلمي

اطلب من نفسك...!

تصغير
تكبير
العلاقات الاجتماعية تعتبر عصب و روح الحياة، وهذه العلاقات إن تخلخت وتهشمت أدت إلى هدم الأسرة التي هي أحد الأركان الأساسية لأي مجتمع. خلق الإنسان كائناً قابلاً للتعلم، وسيظل يتعلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بل الإنسانية كلها تتعلم باستمرار، والجزء الأكبر من التعلم يحدث من خلال علاقات الناس بعضهم مع بعض، حيث تنعكس عليها مبادئ المجتمع ومفاهيمه وتأزماته وهمومه...

تكوين الفرد الخاص به وحاجته للنضج يدفعانه في اتجاهين مختلفين؛ فالإنسان يريد أن يحتفظ بشخصيته واستقلاليته، إلى جانب حاجته إلى الاندماج في العلاقات الاجتماعية من خلال مجتمعه، وذلك من أجل تمثل قيمه والاستفادة من خبراته.


إن كل كسب مادي أو أدبي يحققه أي مجتمع، ناتج من أفكار وخبرات العلاقات الشخصية التي ننسجها مع الآخرين، وقبل أن نحسّن علاقاتنا مع الآخرين علينا أن نحسّن أنفسنا أولاً، لا يختلف اثنان على أن في داخل كلٍ منا قوة دافعة، تدفعه نحو الخارج باستمرار؛ فنحن نطلب من الآخرين أن يفهمونا بشكل جيد، كما نطلب منهم تقدير ظروفنا والإحسان إلينا و... و... و...، وقليل منّا من يطلب هذا من نفسه، وهذا هو السبب في حالات التلاوم التي تسود مجتمعاتنا.

مهما حاولنا تحسين العلاقات مع الآخرين، فإن ذلك سيكون محدود الفائدة ما لم نرفع من سوية أنفسنا أولاً، لأنه يفقد الأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه. إن الأساس العميق للعلاقات الجيدة، يتمثل في الجاذبية والإعجاب، وكل علاقة تقوم على غير هذا تكون إما شكلية، وإما موقتة. أساس الجاذبية هو التميز، فالشخص الذي يثير الإعجاب هو شخص اجتمعت فيه صفات لا تجدها في أكثر الناس إلا متفرقة، وهذا هو سر العاطفة الجياشة التي يحملها أي مسلم في أي بقعة من الأرض نحو النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من الكمال والرفعة ما جعله مهوى الأفئدة ومرمى الأبصار!.

إن الأم التي تريد من ابنها أن يكون باراً، مطالبة بأن تكون أماً عطوفة أولاً. وعلى الزوج الذي يريد من زوجته أن تكون له محبة ومقدرة أن يفعل ذلك معها. وعلى الصديق الذي يريد من أصدقائه العون أن يبذل العون لهم وهكذا... لذا، فعلى كل منّا أن يبدأ بنفسه وسيأتي بعد ذلك الخير الكثير في تنمية علاقاتنا الاجتماعية.

[email protected]

mona_alwohaib@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي