كثر الكلام على أهمية تعديل التركيبة السكانية في الكويت. وهناك من هاجم الوافدين وطالب بالتضييق عليهم أو طردهم. وهناك من دافع عنهم وطالب ببقائهم.
وحتى نكون منصفين، لا بد من النظر إلى الموضوع من ناحية عقلية منطقية.
إجمالي عدد سكان الكويت تجاوز 4.5 مليون نسمة، عدد المواطنين 1.5 مليون، بنسبة 33 في المئة، بينما يصل عدد المقيمين إلى أكثر من 3 ملايين.
وبلا شك أن الذي ينظر إلى التفاوت بين نسبة عدد المواطنين مع المقيمين، فسيجد أن هناك خللاً كبيراً في التركيبة السكانية.
ومن العقل والمنطق، عندما تنظر أي حكومة رشيدة إلى هذا الخلل فإنه يتحتم عليها أن تبادر إلى علاجه، ولن تلام في ذلك لأن هذا الاختلال في التركيبة السكانية له عواقب أمنية واقتصادية واجتماعية.
زيادة أعداد المقيمين - فوق المعدل - يلازمها الضغط على استهلاك الكهرباء والماء، وازدحام الشوارع، والمراكز الصحية، وهو ما يزيد التكلفة على ميزانية الدولة.
إذا لا بد من علاج لهذه المشكلة. اطلعت على دراسات عدة أُعدّت حول اختلال التركيبة السكانية في الكويت، ووجدت بعض الحلول التي أنقلها مع التصرف والإضافة ومنها: تحديد الاحتياجات الفعلية من التخصصات، ما يعني تقليص ومحاربة العمالة الهامشية.
سن قوانين لمحاربة تجارة الإقامة، ومحاسبة المؤسسات والشركات التي تجلب العمالة الهامشية.
تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء، لا أن نكون ممن إذا تلاعب صاحب النفوذ يتم غض الطرف عنه، وإذا خالف المواطن العادي تمت محاسبته وإغلاق مؤسسته.
إنشاء هيئة عامة مستقلة للعمالة تابعة لرئاسة الوزراء، تعنى بكل ما يتعلق بهذه الشريحة من المقيمين.
لقد تابعنا بعض الحلول الترقيعية التي طبقتها الحكومة لمعالجة الاختلال في التركيبة السكانية، لكن هل هذا هو العلاج؟ وهل هذه القرارات اتُّخِذت بناء على دراسات مستفيضة ميدانية، مبنية على أرقام وإحصائيات، وشارك فيها المختصون؟
فهل وضع الرسوم على الخدمات الطبية، سيقلل من العمالة؟ وهل زيادة رسوم الإقامات ستعالج المشكلة؟ وهل تقليص بدل الإيجار الممنوح للمعلم في وزارة التربية من 150 د.ك إلى 60 سيعالج المشكلة؟
للأسف أننا نساهم في تطفيش الأيدي المنتجة من الأخوة المقيمين قبل العمالة الهامشية.
أخبرني أحد التجار من الجالية العربية، بأنه يقوم بتصفية مؤسساته وممتلكاته، لأنه يريد المغادرة نهائياً إلى تركيا، بعد ارتفاع تكاليف الإقامة والعلاج والدراسة لأبنائه وعائلته، حيث وجد عروضاً مغرية هناك، تصل إلى منحه الجنسية إذا حقق بعض المتطلبات التي تدعم الاقتصاد التركي.
وواجهت بعض المعلّمين - المتميزين - العاملين في وزارة التربية، وحدّثوني عن رغبتهم في الانتقال إلى دولة خليجية أخرى، تقدم مزايا للمعلمين أفضل من التي يحصلون عليها هنا في الكويت!
وسمعت عن بعض الأطباء المتخصصين الذي غادرونا بالفعل إلى دول أخرى بعد ما وجدوا هناك فرصا أفضل لهم ولعائلاتهم.
إننا في كل يوم نخسر طاقات منتجة تغادر البلاد، بينما تأتي أضعافها من العمالة الهامشية، فإلى متى سيستمر هذا الوضع؟ ومتى سيستشعر المسؤولون في الحكومة هذا الوضع المنكوس والمعكوس ويقومون بعلاجه؟
أخيراً، أود الإشارة إلى أن الحديث عن أهمية تعديل التركيبة السكانية، لا يعني نكران الجميل لكل وافد أو مقيم ساهم في نهضة هذا البلد، وقد كتبت مقالا سابقا - في نفس هذه الزاوية - حول هذا الموضوع بعنوان «شكراً أيها الوافدون» بتاريخ 6/ 11/ 2015 يمكن الرجوع إليه.
Twitter:@abdulaziz2002