تابعت ردود الأفعال الواسعة عبر وسائل التواصل حول الحلقة التي قدمها الأخ شعيب راشد في أحد برامجه حول مفهوم التعايش.
وكانت أغلب ردود الأفعال تستنكر الأخطاء الشرعية التي تضمنتها الحلقة في طرح الموضوع.
وقد اطلعت على ردود بعض المشايخ والمتخصصين الشرعيين حول موضوع الحلقة، ومنهم د. عجيل النشمي ود. نايف العجمي، ود. علي السند، وقد تضمنت ردودهم بعض الملاحظات جمعتها بتصرف.
من أهم تلك الملاحظات، الخطأ في تحديد مفهوم التعايش، حيث أشارت الحلقة إلى أن التعايش هو أن تسمح لي بأن أفعل في بلادك ما أُريد، وأن تفعل في بلادي ما تُريد.
وهذا المفهوم للتعايش غير موجود في معظم المراجع والمصادر!
الأمر الثاني، ما هو المعيار الذي نحتكم له لتحديد مفهوم التعايش: هل هو الشرع أم العقل أم الأعراف والتقاليد؟
وبلا شك أن المسلم يحتكم إلى الشرع في تحديد مفهوم التعايش، مع الإيمان بأن الأوامر والنواهي الشرعية لا تعارض العقل، وإنما تأتي موافقة له.
الامر الآخر، كيف يمكننا أن نعرف موقف الشرع من موضوع التعايش؟ هل هو بإجراء استفتاء في «تويتر» أم بسؤال أهل العلم؟
لقد نظم الشرع الإسلامي علاقة المسلم بغير المسلمين، ودعا إلى ما هو أبعد من التعايش معهم، ألا وهو البر والإحسان «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدِّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين».
والنبي عليه الصلاة والسلام تعايش مع اليهود والنصارى والمشركين، على قاعدة «لكم دينكم ولي دين»، وكان يُحسن التعامل معهم، فيزور مريضهم، ويطعم فقيرهم، وينصر مظلومهم.
ومن صور التعايش الإسلامي أن الإسلام لم يُكره الناس على دخول الدين «لا إكراه في الدين»، وسمح لأهل الأديان بأن يمارسوا شعائرهم لكن في بيوتهم أو الأماكن المخصصة لهم.
ومن الخطأ في مفهوم التعايش أن تترك أهل الملل والديانات الأخرى أن يمارسوا طقوسهم في الأماكن العامة داخل بلاد المسلمين.
من الملاحظات أن الحلقة استنكرت موضوع المرأة التي قامت بإبلاغ السلطات عن قيام أحد الوافدين بعبادة صنم بوذا في البحر، وأن هذا يناقض التعايش.
وفي الحقيقة أن هذه المرأة تستحق الشكر لأنها استجابت لوصية الرسول عليه الصلاة والسلام في إنكار المنكر عند رؤيته، وقد قامت مشكورة بإبلاغ السلطات المعنية.
طرحت الحلقة موضوع التعايش مع الشواذ «المثليين» وهو محل استغراب ويضع علامة استفهام كبيرة!
أولا، لأن التعايش الذي يُدعى له هو الذي يكون بين أصحاب المذاهب والأديان والطوائف المختلفة، وليس مع قوم لهم سلوك شاذ قد يكون سببه اضطراب في الميول الجنسية، أو انسلاخ من الفطرة البشرية.
لذلك ليس من معاني التحضّر أو التمدّن أن تتعايش وتتقبل وجود المثليين في المجتمع.
فالكل يعلم أن أفعال هؤلاء يعتبر سلوكا مشينا تعارضه الديانات السماوية وتشمئز منه الفطر السليمة.
وقد استنكر لوط عليه السلام ما كان يفعله قومه من الشذوذ قائلا «بل أنتم قوم عادون»، وقد أنزل الله تعالى عقوبته عليهم إذ قلب قريتهم رأسا على عقب «فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجل منضود».
ويقول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: «من وجدتموه يعمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به».
فكيف لأمثال هؤلاء أن نتقبل أفعالهم، أو يُطلب منّا احترام حرياتهم وقناعاتهم؟
نصيحة ووصية للأخ شعيب إن كان يريد الخير للبلاد والعباد، فيما يطرحه من أفكار في برامجه، فعليه أن يستشير أهل العلم الثقات، لأن ما يطرحه، إما أن يكون خيراً وإما شراً، والناس تتأثر وتُقلّد، وأذكّره بقول نبينا عليه الصلاة والسلام «من دعا إلى هُدى كان لهُ من الأجر مثل أجور من تبعهُ لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعهُ لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئاً».
Twitter: @abdulaziz2002