الجانب الاجتماعي هو أهم جانب في شخصية الواحد منا، فمن المجتمع ونواته «الأسرة»، نتعلم في البداية كل شيء، حتى الاسم الذي يحمله الإنسان هو من إطلاق المجتمع عليه. من المجتمع نتلقى معايير الخير والشر، والحق والباطل، والسائغ والمعيب... والمجتمع هو مورد أكثر من 80 في المئة من مباهج الحياة ومسراتها. هو الذي يحدد لنا مدى ما يمكن أن نحلم به، ونطمح إليه، والثواب الذي نناله عند الله - تعالى - يأتي كثير منه من خلال العلاقات الاجتماعية.
ما زالت الحياة الاجتماعية تكتسب ثقافات ومعاني جديدة، فالتقدم الحضاري يمنح تلك العلاقات المزيد من الحساسية والأهمية. وكلما ارتقى الإنسان في مدارج الكمال زادت حاجته إلى الآخرين، وصارالمزيد من اكتماله ونموه مرتبطاً بالمزيد من العلاقات الجيدة مع أسرته وزملائه، والناس أجمعين.
لذا بات من الواجب على كل واحد منّا أن يشذّب في شخصيته كل الزوائد التي تمنعه من الاندماج بالآخرين، كما بات عليه أن يتعلم كيف يجعل سلوكه منسجماً مع النظم السائدة، وكيف يحترم قائد المجموعة، وكيف يفهم زملاءه، ويسوس علاقاته الاجتماعية، لأن اجتماع الناس بطبيعته يولّد بينهم توترات ومشاكسات، حيث إن الحياة الاجتماعية تتمحور حول عدم تطابق طبائع البشر، وحول عدم تطابق مصالح الأفراد مع مصالح المجتمع.
ولتجاوز كل التوترات والمشاكسات في علاقاتنا مع الناس، نحتاج إلى الكثير من الثقافة خصوصاً ثقافة الاعتذار، كما نحتاج الكثير من الفهم إلى جانب الكثير من التهذيب، واللطف، والتسامح، والصبر، والحلم. فلا تنهض المجتمعات إلا إذا ارتفعت نسبة المهتمين في شأن الآخرين، ودفع الظلم والفساد وانسداد آفاق الترقي الاجتماعي، فنحن نحتاج أن نفيض ثقافة الاعتذار على حياتنا الاجتماعية، حتى ترتقي إلى المستوى الذي يليق بمجتمعنا وأمتنا أمة الإسلام.
[email protected]mona_alwohaib@