هل يمكن أن يكون لطبيعة العلاقة بين الناس، وأسلوب التعامل في ما بينهم أثر في نزول المطر أو انقطاعه؟
وقبل الإجابة عن السؤال، فإننا نؤكد على تصديقنا بأن هناك أسبابا مادية «مناخية» لها دور كبير في تشكيل السحاب ومن ثم نزول الأمطار. لكننا أيضا لا بد وأن نؤكد على حقيقة إيمانية، وهي أنه لا يمكن أن يجري في هذا الكون شيء إلا بإرادة الله وحكمته.
ومن سنن الله تعالى وحِكَمه في هذا الكون، أنه يجازي الناس بحسب علاقتهم مع بعضهم، فقد ينزل المطر، وقد تجدب الأرض بسبب فعل الخير أو الشر.
يقول الله تعالى: «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس». قال بعض المفسرين: فساد البر ألا ينزل المطر ويصاب الناس بالقحط.
والرسول عليه الصلاة والسلام وضّح بعض الأسباب المانعة لنزول المطر بسبب أفعال الناس، ومنها حرمان الفقير من الزكاة لذلك قال: «ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القطر من السماء».
فكما أنك تمنع ما عندك من خير عن الناس، فإنه الله تعالى يعاملك بالمثل، فيمنع عنك خيرات السماء والأرض، والجزاء من جنس العمل.
والظلم سبب لإصابة الناس بالقحط، يقول أبو هريرة رضي الله عنه «إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم».
لذلك إذا ظُلِم الناس، أو ضُيّق عليهم في أرزاقهم، أو تمت معاقبتهم على ذنب لم يرتكبوه، عاقب اللهُ القومَ بحرمانهم من خيره ونعمه.
وفي المقابل فإن حسن التعامل مع الناس والإحسان إليهم وإنصافهم، من الأسباب الجالبة للأمطار والخيرات. سمع رجلٌ صوتاً يقول للسحابة: اسق حديقة فلان - وأصل القصة حديث نبوي صحيح - فتعجب الرجل ورأى السحابة تمطر على أرض صخرية، ثم يجري الماء في قناة ومسيل على الأرض، فتتبع الرجل مسيل الماء حتى رآه يصل إلى حديقة، ووجد عند الحديقة رجلا يحوّل الماء في قنوات الحديقة بمسحاته - مثل الشبّل - فسأله عن اسمه، فوجده نفس الاسم الذي سمعه في السحاب.
ثم اكتشف الرجل سر الموضوع إذ أخبره صاحب الحديقة، بأنه يقوم عند الحصاد باستخراج ثلث انتاج المزرعة ويوزعه على الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات.
إن تحقيق العدالة بين الناس سبب آخر في حلول الخيرات والبركات، فقد نقل في مسند الإمام أحمد«أنه وجد في خزائن بني أمية( حنطة ) الحبّة بقدر نواة التمر وهي في صُرّةٍ مكتوب عليها، هذا كان ينبت في زمن العدل».
وصح في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه في زمن خروج المهدي - آخر الزمان - والذي سيملأ الأرض عدلا، ستحل البركة والخيرات حتى أن قشرة الرمان يستظل بها الجماعة من الناس.
من هنا نؤكد على علاقة حلول البركات بحسن التعامل بين الناس.
وأما علاقة الأمطار بالسياسة، فإن الأمطار عند هطولها تكشف لنا الفساد الإداري والمالي، وتفضح سوء الأعمال والإنجاز.
ويكفي أن ترى الخرير في المباني التي أنشأتها الحكومة، والحصى المتطاير على السيارات بسبب رداءة نوع الاسفلت، لتعرف أن هناك فسادا يتكرر، ثم لا تجد من يهتم بالمحاسبة، أو أن المفسد لديه حصانة من المساءلة. فهل نرى مع المجلس الجديد مراقبة ومحاسبة تؤدي إلى تحسين الخدمات ومنها الطرق، وإتقانٌ في إنجاز المشاريع؟
وكل أمطار وزجاج سيّاراتكم بخير وسلامة.
Twitter:@abdulaziz2002