رأي قلمي

الحلم الوطني...!

تصغير
تكبير
هناك متطلبات كثيرة لبناء حلم وطني، منها ما هو فكري، ومنها ما هو ثقافي وسياسي وأخلاقي. ما نتفق عليه هو لكل المواطنين حلم وطني، يلبي أشواقهم وتطلعاتهم، ويساعدهم على تلبية حاجاتهم، مستنداً إلى الهُوية الوطنية العليا والعابرة للتنوع العرقي والقبلي والديني والمذهبي والمناطقي الذي قد يكون موجوداً في البلد. المهم أن يركز الحلم الوطني على القيم التي ما زالت تحرك الضمير الجمعي للمواطنين مثل الإحسان والاحترام والنزاهة ومساعدة الضعيف وحب الوطن والرخاء المادي والحرية والعدالة وتكافؤ الفرص، لأن الحلم الوطني الذي يرتكز إلى ما هو موجود من هذه القيم، ويسعى إلى تنميتها، سيلقى الكثير من دعم المواطنين وتعاطفهم.

إن الحلم يتصل بأشواق الروح والقناعة والرغبة، وإن التثقيف القوي والمتواصل هو الطريق إلى ذلك، لذا يجب أن يؤمن القائمون على الحلم الوطني بأن قوة الثقافة قادرة على زج الناس في العمل من أجل الحلم، حيث إن الجهاز الفكري للحلم يقوم بإنتاج الأفكار والمفاهيم والقيم التي توظف المخزون العاطفي والروحي للناس، ويقوم الجهاز الإعلامي بتسويق ذلك المنتج وتعريف الناس به.


عند الحديث عن أي حلم وطني، لا بد من تمتع البلد بقدر جيد من الاستقرار السياسي والانضباط الأمني إلى جانب استقرار في التشريعات والقوانين التي تمس الجانب الاقتصادي والمالي، على وجه التحديد، حتى يتشجع الناس على الاستثمار في المبادرات الوطنية. كما أننا نحتاج إلى تغيير المنظور بالنسبة إلى الحلم الوطني، فهو ليس نوعاً من الرفاهية وحب السيطرة، إنه في الحقيقة سعي إلى الحياة الطيبة التي ذكرت في كتابنا العظيم «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة...». أي أن الحلم الوطني الموصول بعيقدتنا والمنضبط بأدبياتنا هو شكل من أشكال العبادة لله تعالى لما فيه من مساعدة للضعفاء وتفريج كرباتهم، ولما فيه من جعل بلادهم جذابة للعيش عوضاً عن اللجوء والتشرد والبحث عن الاستقرار في بلاد الآخرين.

إن تغيير المنظور يعني تغيير نمط التفكير وتغيير الزاوية التي ننظر منها، والحلم الوطني شيء جميل بنتائجه وثماره، لكنه ليس كذلك بمقدماته ومدخلاته، حيث إن على صانعيه الإدراك بأن الشروع في تحقيق الحلم الوطني يعني الدخول في صراع داخلي وخارجي كبير، كما يعني الرهان والسباق على تجاوز الكثير من العقبات ومواجهة الكثير من التحديات.

إن الحلم الوطني ليس مستحيلاً، لكنه ليس سهلاً لأنه يتطلب نوعاً من الاستنفار لكل قوانا الروحية والمعنوية والمادية، وهذا الاستنفار رغم إرهاقه لنا إلا أنه يشكل مصدراً لمتعة فريدة، هي متعة عيش الحياة بكرامة ونجاح وقبل ذلك عيشها في إطار مرضاة الله تعالى.

[email protected]

‏mona_alwohaib@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي