ولي رأي

لا غالب إلا الله

تصغير
تكبير
أنا لست من المعجبين بالرئيس رجب طيب أردوغان، ولا فكره السياسي، وخصوصاً بعد تصريحاته الأخيرة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وبعض الأنظمة الديكتاتورية. ولكني أحترمه لأنه قائد تدرج في السلم السياسي من محافظ مدينة إلى رئيس للجمهورية، عبر انتخابات نزيهة، مُحققاً كل ما وعد به ومُنجزاً إصلاحات هائلة لبلده.

لذا لم أستغرب ما فعله في مواجهة انقلاب 15 يوليو... فهو لم يلجأ لسفارة غربية طلباً للحماية، أو يملأ الطائرة الرئاسية بما خفّ وزنه وغلا ثمنه، والمقربين من أهله، ويهرب إلى دولة مجاورة طالباً للجوء السياسي، بل عاد إلى عاصمة بلده وقد كان في إجازة خاصة، مطالباً الشعب الذي انتخبه بالنزول إلى الشارع، ومواجهة الانقلابيين، وقد كان له ما أراد... إذ انسحبت الدبابات والمدرعات، واستسلم الجنود وسلموا أسلحتهم إلى المدنيين، وفشل الانقلاب وقلب أردوغان المعادلة، فقد كان الحكام في دول الجوار يواجهون شعوبهم بالدبابات، ولكن شعب أردوغان هو الذي واجه الدبابات، وانتصر عليها.


والعجيب في الأمر، أن معارضي أردوغان وحزبه من مختلف القوميات والعرقيات والمذاهب والأحزاب، دحروا هذا الانقلاب طاعة للرئيس أردوغان، وقدموا بذلك له صكاً بالقيادة، وتجديداً وإجماعاً على الثقة فيه وبحزبه وحكومته.

إن المثير للسخرية والخزي في آن واحد، هو إظهار البعض الفرحة المتسرعة بالانقلاب، والإساءة للحكومة التركية من دون معرفة من هم الانقلابيون ومن وراءهم مع الدقائق الأولى لإعلان الانقلاب، والتعليقات الحمقاء من الأبواق الحاقدة والمؤجرة، والذين بان جهلهم بسرعتهم في اتخاذ القرار.

ولعل في الأمر خيرة، وأن تكرهوا شيئاً فهو خير لكم، كما قال أردوغان إن الوقت حان لتطهير الجيش التركي ممن يتلقون الأوامر من الخارج، ورفع يده من السيطرة على حكم الشعب. وأن الشعب قد بلغ سن الرشد، وأن حرية المعتقد حق للجميع كما تنص كل الدساتير في العالم، ولا غالب إلا الله.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي