بديهي في المجتمعات الإسلامية، معرفة الناس حقوقهم وحقوق غيرهم، كما يعرفون الواجبات الملقاة على كواهلهم. ومن ثم فالأصل أنه يكون مجتمعاً محدود المشكلات، فالمجتمعات تقوم على المشاركة الفعالة من أبنائها بالمساهمة في تشييد المرافق العامة التي يستفيد منها الجمهور.
فحين يلتزم المجتمع ما قدمناه، فإنه يحل إشكالات كثيرة، إذ تتسع مساحات الرقابة الذاتية في العمل ومنها تتفرغ الدولة للقضايا الكبرى التي تعجز بعض المؤسسات والوزارات عن مباشرتها، أما حين يكون المجتمع مادياً بعيداً عن الحقوق والواجبات والمسؤوليات، يصبح مجتمعاً غير مكتمل النضج، متكلاً على الدولة، يريد منها أن تفعل كل شيء، وذلك يحمل الدولة أعباء كثيرة تثقل كاهلها، ويجعل تدخلها في حياة الناس أكثر وروداً، مما يثير النزاع والمشاكسة والتوتر في الحياة العامة.
إن بعض المواطنين يظنون أن المواطنة هي الحصول على المزيد من المكاسب والمنافع الشخصية، وبعضهم يتخذ من المواطنة مدخلاً للتعصب المقيت والانغلاق والتحيز ضد الآخرين، وهذا كله ينافي المفهوم الإسلامي للانتماء الوطني. إن الوطنية هي شعور بشرف الانتماء إلى الوطن، والمواطن الصالح هو من يتصف ويتسم بالصلاح والاستقامة الشخصية إلى جانب الإسهام في رقي البلاد ونفعها ومساعدة أهلها، وليس إهانتهم ومعاملتهم كقطيع بأسلوب غير لائق بمؤسسات رسمية. المواطنة في الحقيقة هي عطاء أكثر من أن تكون أخذاً، ولهذا لا يحق لك أن تتهاون بعملك وعطائك للجمهور الذي قصدك، لم تضعك الدولة في هذه الوظيفة أو ذاك المنصب إلا لخدمة البلاد والعباد وليس التهرب من المسؤولية بحجة فوضى الجمهور وكثرتهم وتنوعهم.
إن العين تدمع والقلب ينزف دماً من الوضع المزري داخل بعض وزارات ومؤسسات الدولة، كثير من الموظفين والموظفات يفتقدون لأبسط مفاهيم التعامل مع الجمهور، والمصيبة العظمى والطامة الكبرى أنهم يجاهرون بما يفعلون من دون حياء. تسأل إحداهن عن موظفة لكثرة العمل، فترد عليها الأخرى باللهجة الكويتية «راحت توزع قرقيعان». وتتعالى أصوات الضحك والقهقهات، يترك الواجب من أجل إشباع حاجة في نفسه المقصرة بحقه وحقوق من حوله.
لو يفقه كل موظف أن ما يتقاضاه من أجر في نهاية كل شهر، هو مقابل خدمته للجمهور وإتمام معاملاته، لما تقاعس عن خدمته، وتجاوز القواعد والأنظمة الداخلية لمؤسسات ووزارات الدولة.
الحديث عن مؤسسات الدولة كافة ذو شجون خصوصاً لمن يعمل في موقع يواجه فيه الجمهور.
ينبغي أن نوجد كل الأسباب والآليات التي تحرك كوامن الجرس الداخلي (الضمير) ونوظفها ونستثمرها من أجل العباد والبلاد.
[email protected]mona_alwohaib@