إن في كل مجتمع من المجتمعات، مبادئ وقيما وقواعد إنسانية مشتركة، ما بين قادة الرأي والفكر وبين أبناء المجتمع، وهناك منظومات مادية وعقلية وروحية تربط قائد الفكر بأبناء مجتمعه، وهي التي تجعله يرتقي بهم من البدائية إلى التحضر، والارتقاء في الفكر والسلوك، وحتى الشعور.
وفي ظل الظروف الحالية، الناس في حاجة ماسّة إلى مراجع بشرية محايدة كلما احتاجوهم رجعوا إليهم، مراجع من مفكرين وقادة رأي ينتجون ويصنعون الأفكار والمفاهيم والرؤى غير التقليدية التي تساعد الفرد على السير في مسالك الحياة وهو في أمان بقدر الإمكان، وحتى لا يتعرض إلى المواقف والأحداث التي قد تفقده نفسه قبل أن تُفقده من حوله.
إن دور قادة الفكر والرأي في المجتمع كبير جداً لا يوازيه شيء، والمهمة عظيمة وجسيمة على عاتقهم، ولابد من آلية لانتشال الناس من الوحل والارتقاء بهم إلى أعلى المستويات على الأصعدة كافة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فان أولئك القادة يقع على عاتقهم عبء صناعة قادة رأي وفكر يأتون من بعدهم حتى لا تضيع الأمة في دوامة الحياة، لا يفقه أفرادها شيئا غير المأكل والمشرب والنسل والتسوق والتطرف بالفكر والشعور والسلوك.
لقد حان الوقت لتكاتف قادة الرأي والفكر، لقيادة الشارع بأفكارهم وآرائهم المقننة بقواعد وثوابت الدين، حتى لا يتيه الفرد في الصراعات ويعاني من خواء ذهني، حيث لا قيم ولا مبادئ ولا قناعات ولا أرض صلبة يقف عليها تساعده على خوض مصاعب الحياة بنظام مقنن ومقيد وراقٍ برقي تلك المبادئ والقناعات والقيم التي استمدها المفكر من الشريعة وأنزلها على أرض الواقع، وربط ما بينها وبين سنن الله الكونية، وصنع منها المفاهيم والأفكار والرؤى التي تقي الناس وتحصنهم من الأفكار المتطرفة الداعشية الهابطة نظرياً وعملياً، وتقودهم إلى بر التوازن والاعتدال، وتقييم وتقويم كل فكرة أو رأي أو قناعة لا تتوافق مع مسطرة ومعايير القواعد الربانية الوسطية المعتدلة.
[email protected]mona_alwohaib@