تحليل / ... «اليورو» تلفظ أنفاسها الأخيرة!

تصغير
تكبير
يوم بدأت الأزمة المالية العالمية في منتصف شهر سبتمبر من العام 2008، جزم العديد من المحللين والخبراء أن تلك الأزمة ورغم فداحتها وتداعياتها المهولة والضخمة على النظام الاقتصادي العالمي برمته، لن تكون الأخيرة.

قيل الكثير آنذاك عن الزلزال المالي، الذي لم يشهد العالم مثله منذ أيام الكساد العالمي العظيم في عشرينات القرن الماضي، بيد أن أحداً لم يتصور أن «تسونامي» وزلزالا أكبر وأسوأ وأضخم سيقع بعد مرور أقل من 8 سنوات فقط!نتيجة الاستفتاء بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي الذي تم اول من امس.


8 سنوات، فترة وجيزة وقصيرة جداً في عالم المال والأعمال، فلم تكد الاقتصادات العالمية وعلى رأسها الأميركية والأوروبية والصينية تلتقط أنفاسها بعد أزمة العام 2008، حتى حلّ شبح أو كابوس خروج بريطانيا الكارثي من منطقة «اليورو».

فروقات جوهرية بين الأمس القريب واليوم، بالأمس القريب (وقوع الأزمة المالية العالمية الأخيرة)، أدت أكبر عملية إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية (بنك ليمان براذرز) إلى تهاوي مئات البنوك والمصارف والمؤسسات والشركات والكيانات المالية الضخمة، والتي تضم أصولاً وموجودات وسندات بمئات مليارات الدولارات، وكأنها «بقالات» فاشلة، غير أن ذلك الحدث المريع، لم يؤد إلى سقوط وانهيار دول بعينها بالمعنى الحرفي والتقني للكلمة.

فعلى الرغم من الاختلالات الهيكلية والتحديات الكبرى التي شهدتها وتشهدها كل من اليونان والبرتغال واسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبعض أخواتهن في الوقت الراهن، إلا أنها ظلت جميعها «صامدة» إلى حد كبير بوجه العاصفة العاتية، وذلك بفضل مظلة «اليورو» الكبرى، ولكن هذا الأمر لن يستمر طويلاً.

ما قبل خروج بريطانيا من منطقة «اليورو» لن يكون كما بعده على الإطلاق، إذ إن نتائج هذا الاستفتاء ستكون بحسب ما يؤكد الكثير من المتابعين والمراقبين بمثابة «ضربة قاضية» للاقتصاديات المتهالكة (السالفة الذكر)، وبالتالي فإن منطقة «اليورو» برمتها باتت في مهب الريح.

وبعيداً عن الأزمات السياسية والنزعات الاستقلالية والأصوات الانفصالية الصادرة من هنا وهناك، والتي بدأت تخرج للعلن بشكل كبير، مطالبة بخروج بعض الدول من «اليورو» لأسباب بعضها معلوم، وبعضها الآخر مجهول، ثمة حقائق وأرقام عديدة تدعم الاعتقاد بأن «اليورو» باتت آيلة للسقوط، ولعل من أبرزها أن هذه المنطقة تفقد بخروج بريطانيا القوة الاقتصادية الثانية فيها بعد ألمانيا «الصامدة»، ليس هذا فحسب، فلندن شريان أوروبا والعالم المالي، وتوقف ضخ «دماء» هذا الشريان في جسد القارة العجوز، سيزيدها عجزاً وترهلاً قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي