كلنا نحتاج إلى استثمار مركز وفعّال لمهاراتنا، خصوصا مهارة تخطيط وتنظيم وإدارة الوقت في شهر رمضان المبارك... ولكن، قبل الاستثمار والتخطيط والتنظيم، نحتاج أن نكتشف ونعرف من نكون؟ وبصيغة أخرى من أنا؟ لا نقصد هنا التعريف الشخصي، الاسم والسن والحالة الاجتماعية وما يتبعها من تعريف لهوية الشخص، إنما ما قصدناه التعريف الذاتي. هل بحثت يوما ما عن نفسك وتعرفت عليها؟
عندما نتحدث أو نكتب عن النفس فحديثها فيه شجون، والكتابة عنها ذو دقة وتفاصيل، قد يقول قائل من منّا لا يعرف نفسه؟ نرد عليه ونقول الكثير منّا لم يتعرف عليها. فلنبحث عنها ونتعرف عليها، حتى نستطيع أن نستثمر مهاراتنا في شهر رمضان. هل تعرف اهتماماتك؟ فاهتمامات الإنسان لا تعبر عن عقله وعلمه فحسب، وإنما تعبر عن خلاصة توجهه في الحياة وعن تفاعله مع المبادئ والقيم السامية وطريقة فهمه لها. هل تعرفت على امكاناتك؟ فهي من ستجعلك بعد الاستعانة بالله أن تبدع وتتفنن في أسلوب وطريقة أداء أعمالك ومهامك في شهر رمضان.
بإمكان الواحد منّا أن يتعرف على شخصيته وعلى الطريق الأساسي الذي يمضي فيه من خلال الأمور التي تسيطر على تفكيره، وتوجّه سلوكه ومواقفه، وتنظم ردود أفعاله. فإذا وجد أن الفوز برضوان - الله تعالى - وانتشار الفضيلة وغلبة الحق هي التي تستحوذ على جل اهتماماته، فهذا يعني أنه من الصنف النبيل الذي يرجو الخير لنفسه ولأمته، ما عليه إلا أن ينمي ويطور المهارات التي وهبه الله تعالى إياها بما ملّكه من قدرات وإمكانات، ومن ثم يستثمرها في حياته، عموماً، وفي شهر الخير والبركات، خصوصاً.
المهارة تعني القدرة على القيام بمهمة ما بدرجة معينة من السرعة والإتقان، والدقة مع اقتصاد في الجهد المبذول، وقد تؤدّى بصورة بدنية أو عقلية، ويكون لدى الشخص مقدرة ومرتبة فائقة في أداء مميز لما تعلمه واكتسبه، وما أحوجنا بشهر رمضان لمهارة الدقة والاتقان والأداء المميز، والتي تسبقها مهارة تخطيط وتنظيم الوقت، إلا أن لا قيمة لتخطيط اليوم والأسبوع والشهر، إن لم نكتسب مهارة كيف ننظم الوقت لإنجاز ما خططنا له!
الوقت هو حياتنا، لا يمكن أن نعوض ما فات منه، ولا يمكننا أن نخزنه وندّخره لنستفيد منه مستقبلا، كذلك لا يمكننا شراءه فهو لا يباع ولا يشترى. تجديد النية لله تعالى من أهم عوامل استثمار الوقت، فنحن بحاجة لمهارة القراءة في شهر رمضان لقراءة القرآن وكتب العلوم الشرعية والحياتية بأصنافها، كما أننا بحاجة لمهارة التفكر والتأمل بكل دقيقة وجليلة في حياتنا، ومهارة الاتصال والتواصل مع الآخرين خصوصا الأقرباء منهم، ومهارة الكتابة وغيرها من مهارات، قد يقول قائل نحن بحاجة لهذه المهارات كل أيام السنة لماذا نخصها برمضان؟ رمضان شهر الأجور المضاعفة، شهر المنح والعطايا والبركات الربانية، فأيُ عائد وأرباح ستعود علينا من استثمار أوقاتنا في رمضان بما نملك من مهارات وإمكانات وقدرات؟ لذا علينا ألا نفرط بأوقاتنا، وعلينا أن نحافظ عليها ونستفيد منها، ونستغل البركات والرحمات والعطايا الإلهية في شهر رمضان بما ينفعنا في ديننا ودنيانا.
[email protected]mona_alwohaib@