عبدالله كمال / ... ولكن / اتصال من الإمام

تصغير
تكبير
أكرمني الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر فضيلة الدكتور سيد طنطاوي باتصال تلفوني تفضل فيه بالثناء والدعاء بعد أن قرأ مقالي «الإمام والصليب»، و «النادم المتكبر» اللذين تناولت فيهما موضوع القضية التي ذهب بها إلى المحكمة ضد جريدة «الفجر».
والقضية لمن لا يذكر تتعلق بأن الجريدة سبّت الشيخ وقذفت في حقه وحق الأزهر وألبست الإمام زي كاردينال، ووضعت صليباً على صدره وقالت إنه شيخ الفاتيكان.
وقد تبين لي من الاتصال أن فضيلة الإمام قد قابل وفداً من نقابة الصحافيين المصريين، كانت قد كتبت عنه «روزاليوسف» تقريراً إخبارياً في صفحتها الأولى في عدد الثلاثاء، وفي اللقاء رفض فضيلة الشيخ إلا أن ينتظر حكم القضاء في القضية.

لقد قلت لفضيلة الدكتور سيد طنطاوي أنه مع احترامنا الكامل لما حاول عدد من الزملاء أن يطلبوه منه بخصوص قبول اعتذار الجريدة بدلاً من المضي قدماً في طريق القانون إلا أني أؤكد له أن هذا لا يعبر عن الاتجاه العام بين الصحافيين، وأن من حقه أن نسانده في طلبه حكم القانون أياً ما كان، وأنه كما نطلب نحن الصحافيين أن نحاسب الناس فإن علينا أن نرتضي محاسبة القانون.
وقال فضيلة الإمام أنه يقدر الصحافة والصحافيين، وبلهجة صعيدية قال لي: «جلت لهم أنتم حاسبوهم كيفما تشاءون، لكني لن أتزحزح عن انتظار حكم القضاء».
والواقع أنني أريد أن أعلق على بعض ما تبناه هذا الوفد من نقابة الصحافيين في أكثر من نقطة، مع كامل احترامي للسيد النقيب مكرم محمد أحمد الذي ترأس الوفد.
لا يمكن أن يجادل صحافي من أي اتجاه في أن المنهج الذي تتبعه جريدة «الفجر» ورئيس تحريرها لا يعبر عن المهنية وقواعد الصحافة، وإنما يخرج عن كل سياق، وأغلب من كانوا ضمن الوفد لا يمكن أن يقبلوا على أنفسهم أن يكتبوا عن الإمام بالطريقة نفسها التي كتبت بها جريدة «الفجر».
لقد عرض الوفد أن يقبل فضيلة الشيخ اعتذار الجريدة ويتنازل عن القضية على أن تقوم النقابة بمحاسبة الجريدة ورئيس تحريرها ومن كتب المقال، وقال الشيخ أنتم حاسبوهم كيفما شئتم. وأضيف من جانبي أن عرض الوفد برئاسة النقيب إنما تأخر كثيراً وكان أولى بالنقابة أن تبادر بالمحاسبة منذ اللحظة الأولى لا أن تذهب عارضة المحاسبة وقد اقترب موعد الحكم وقد تبين للجميع الضعف الشديد والاهتراء في موقف الجريدة. هذا حساب فات وقته.
يثير هذا العرض بالمحاسبة المتأخرة مسألة أن النقابة تترك الساحة بلا رقابة ولا محاسبة إلى أن تتفاقم الأمور، ولو أنها تدخلت مبكراً بجدية ما كانت الأمور قد وصلت إلى هذه الحالة التي هي عليها الآن.
ليس صحيحاً على الإطلاق أن صدور أي حكم من أي نوع في حق الصحيفة ومن كتبوا فيها سوف يحسب ضد الإمام، بل يحسب له أنه طلب حكم القانون وهو أكد مراراً وبالأمس أنه يحترم الصحافة والصحافيين، كما أننا نحن ندعي أننا نمثل قطاعاً أعرض من الصحافيين يرى أن صدور حكم في حق صحافي أو معه يحسب له أو عليه وليس للمهنة كلها أو عليها... هذه اقترافات شخصية لم نقم بها جميعاً، وإذا ما حققت صحيفة «الفجر» أي مجد لن يشاركها فيه أحد ومن ثم ليس علينا أن نتحمل أوزارها.
من الواضح جداً أن فضيلة الإمام لم يتبن موقفاً انفعالياً وإنما أخذ هذا الموقف بالمضي في طريق القضاء بعد أن تدارس الأمر جيداً جداً ومع عدد هائل من مستشاريه ومن ثم فإنه لم يقبل التراجع عنه وله كل الحق القانوني والدستوري كمواطن وكمسؤول عن مؤسسة في أن يتمسك به.
لقد قال فضيلة الشيخ أنه لا يتابع تلك الجريدة، ولكن حتى في العدد الأخير الذي حاولت فيه أن تسترضيه فوجيء بما يخجل من ذكره في العدد نفسه، وفي حق موتى لم تجف دماؤهم وتساءل هل هذه هي الصحافة، وهل هذه هي المهنية؟ وقد قلت له أن القطاع الأغلب من الصحافيين لا يؤيد ذلك يا فضيلة الإمام.
شكراً لفضيلته، ونقدر حرصه على القانون. ولننتظر حكم القضاء يوم 11 أكتوبر المقبل.
عبدالله كمال
رئيس تحرير «روزاليوسف» ومستشار «الراي» بالقاهرة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي