راي قلمي

نرتقي بسؤال...!

تصغير
تكبير
إن الله تعالى فطرنا على الرقي بأنفسنا، وتحسين أوضاعنا الخاصة من خلال الحصول على المزيد من المنافع ودفع وتحجيم الأضرار والمنكّدات، وحثنا على صلاح النظم والبيئات، فصار الخلاص من النظم الفاسدة والبيئات الصعبة والمرهقة أحد هموم الناس عامة والمثقفين والمفكرين خاصة. ومن المنح التي وهبها الله للمسلمين الوعي المبكر بمسألة الإصلاح، ومقاومة الشر من خلال مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن خلال أفكار وقيم الطاعة والمعصية والثواب والعقاب ومجاهدة النفس وتزكيتها والإحسان إلى الخلق، فكانت الريادة والسبق للمسلمين بإنشاء منظومة متكاملة لإصلاح النظم ومقاومة التحلل والخراب.

ولكي نعود الى فطرتنا التي فطرنا الله عليها، لا بد أن نركز على بعض المفاهيم التي نعدها مفاتيح مهمة لفتح بوابة الإصلاح من جديد، منها ثقافة التساؤل... حين يهيمن التقليد المتخلف للآخر على كل صغيرة وكبيرة، وكل شاردة وواردة، يتراجع التساؤل، وتكثر الأجوبة الجاهزة التي لم تبنَ على علم أو فهم، ولهذا نحتاج إلى المزيد من الأسئلة حول تشخيص المشكلات التي نعاني منها وحول الحلول المرتجاة لها.


وقد كان أحد المفكرين يسمي أدوات الاستفهام «جنود الفهم»، فإننا إذا أردنا فهم ظاهرة «المخالفات المرورية، التجاوز على حرية الآخرين في اللباس غير اللائق عند البعض والتدخين في الأماكن العامة»، وغيرها من ظواهر سلبية في المجتمع، يمكننا أن ننهض بثقافة التساؤل ونطرح بعض الأسئلة حول تشخيص المشكلة التي نعاني منها وحول الحلول المقترحة لتحجيمها أو قلعها من جذورها، ما المقصود بالتجاوزات والمخالفات؟ هل هذه التجاوزات تشكل لدينا ظاهرة؟ ما نسبة الأشخاص الذين يخالفون ويتجاوزون القوانين والنظم؟ هل هذه الوضعية نجدها في مجتمعات مجاورة؟ هل هي محلية أو عالمية؟ هل هذه الظاهرة قديمة أو حديثة؟ هل يمكن الحديث عن بداية لها؟ ما الجهات المتسببة بوجود هذه الظاهرة؟ هل يشعر المجتمع بخيبة أمل واحباط وخسارة من تفشي هذه الظواهر بالمجتمع؟ من الذين في إمكانهم تخليص المجتمع من هذه الوضعية، وهل هناك مدة زمنية لذلك؟ من أين تكون البداية، هل من الأسرة أو المدرسة أو المجتمع؟ هل هناك تجارب عالمية ناجحة في هذا يمكن الاستفادة منها؟

كل ما نحتاجه هو أن نلقي ضعف هذه الأسئلة، ونحاول الإجابة عنها بالكثير من الاهتمام والإخلاص مع استخدام البحث المنهجي من أجل الحصول على حلول جيدة، ترسخ وتفرض هيبة واحترام القوانين والنظم في نفوس أفراد المجتمع، ولا يخفى على أحد منّا بأن إصلاح الأخلاق والاستقامة على منظومة القرارات والقوانين سيحدث تقدما حقيقياً على مستوى الأصعدة، السياسية والاقتصادية والتعليمية والتقنية وغيرها.

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي