وزير الإعلام لـ «الراي»: أدين اقتحام مكاتب «الشرق الأوسط» كما أدنتُ «كاريكاتورها»

المؤسسات الإعلامية... في «عين التوتر» اللبناني - السعودي

تصغير
تكبير
تتعدّد الخلفيات والحيثيات، والنتيجة واحدة: المزيد من وضْع لبنان في دائرة «العين الحمراء» الخليجية، التي تنذر بفصول جديدة من التوتير في علاقات بيروت مع بلدان الخليج، لا سيما مع المملكة العربية السعودية.

وبدت ثقيلةً أمس، وطأة الحدَثين الإعلاميين المرتبطين بوسيلتين سعوديتين، اللذين شهدهما لبنان، اول من امس، وتحديداً القرار المفاجئ لقناة «العربية» بقفل مكاتبها في بيروت وتسريح نحو 27 من موظفيها، تحت عنوان «إعادة الهيكلة وحفاظاً على سلامة الموظفين»، ثم الاقتحام الذي تعرّضت له مكاتب صحيفة «الشرق الاوسط» في منطقة التباريس - الأشرفية من مجموعة من الشبان الغاضبين، يقودهم عباس زهري، القريب من «حزب الله» وتضمّ ناشطين برزت اسماؤهم في إطار ما سمي «الحِراك المدني» في لبنان قبل فترة، وذلك احتجاجاً على كاريكاتور نُشر في الجريدة واعتبروه مسيئاً للبنان وعلمه.


«المثير للقلق» في الحدَثين اللذين وقعا بفارق ساعات، تقاطُعهما عند البُعد الأمني الذي يطلّ على السياسة، واستطراداً على الأزمة المتصاعدة بين بيروت ودول الخليج، منذ خروج وزارة الخارجية اللبنانية عن الإجماع العربي في إدانة الهجوم على السفارة السعودية في طهران، وصولاً الى إعلان الرياض إعادة النظر في العلاقة مع لبنان «المصادَرة إرادته من حزب الله» ووقف العمل بهبتيْ الأربعة مليارات دولار (مساعدات عسكرية)، قبل ان تتمدّد الأزمة مع اعلان بلدان الخليج وجامعة الدول العربية تصنيف الحزب «منظمة إرهابية» وبدء ترحيل لبنانيين منتمين اليه او يؤيّدونه.

فالقرار الذي اتخذته «العربية» عزته الى «أسباب أمنية» من دون ان توضح ماهيّتها، وهو التبرير الذي ترافق مع تدابير مشددة تتعلق بأمن السفارة السعودية اتُخذت أخيراً، بالتزامن مع إعلان السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري أنه تلقى تهديدات باغتياله، لكنه أكّد بقاءه في لبنان.

إلا ان أوساطاً أخرى لم تُسقط عاملاً آخر يتّصل بهذه القضية، ويتداخل مع الأزمة المستجدة بين الرياض ولبنان، يتمثّل في ملاحظات لدى القائمين على «العربية» ولدى قادة سعوديين على مكتب بيروت في المحطة، باعتباره «خارج السيطرة»، وأن قرار القفل والتسريح قد يكون من تداعيات مضمون إقدام الإعلامي في المكتب عدنان غملوش على بث الخبر الذي كانت نشرته إحدى الصحف القريبة من فريق «8 آذار» عن صحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ضمن تقرير عن الصحف البيروتية على «العربية» التي كانت واجهت في فبراير الماضي أيضاً «غضبة» من اوساط سعودية بعد بثّ وثائقي «حكاية حسن» الذي تناول الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، وبدا وكأنه ترويجي للأخير.

وفيما لمّحت بعض الدوائر الى ملاحظات ايضاً لدى القائمين على «العربية» على الخلفيات السياسية لبعض العاملين في مكتب بيروت، كان بارزاً بُعيد تبلُّغ الموظفين قرار التسريح اعلان أحدهم عبر شاشة «الجديد»: «أنا عندي 3 أولاد.. وفدا إجر السيد (حسن نصرالله)».

كما استوقف كلام الزميل غملوش على صفحته على «فيسبوك» وقوله انه «خلال مسيرتي الاعلامية في قناة (العربية)، تعرفتُ على الكثير من الزملاء، بعضهم مات او قُتل، وآخرون ماتوا بنظري وهم أحياء لقلة وفائهم، وزيف أقنعتهم، وتمنيت لو انني لم ارَ وجوههم ولم اتعرف إليهم، وآخرون أضعهم تاجاً على رأسي، وهم يعرفون انفسهم جيداً (...) لكن لم ادرك، ان في لبنان مليون حقل للالغام، وآلاف القناصين المتربّصين بك، القريب منهم والبعيد»، ليختم: «شكراً قناة (العربية) رغم كل شيء، وانا مستمر بأداء رسالتي، وما زال لديّ الكثير لأقوله، والقصة لم تنتهِ بعد، وقرار الصرف لن يكون المفاجأة الاخيرة، فالمفاجآت بالنسبة لي لم تبدأ بعد».

وفي خصوص اقتحام مكاتب «الشرق الاوسط» وبعثرة محتوياتها وتمزيق أعداد من الصحيفة، فإن هذا الحادث طرح علامات استفهام إزاء عدم وجود حماية أمنية حول مقر الجريدة في بيروت، لا سيما ان ساعات بعد ظهر الجمعة كانت حملت اشارات واضحة حول نية تنظيم تظاهرات احتجاج امامها، فيما كان بارزاً أمس، مسارعة القوى الامنية الى توقيف أحد المشاركين في عملية الاقتحام المدعو بيار حشاش في منطقة البترون.

ورغم اعلان «الشرق الاوسط» استمرار عملها من بيروت، محمّلة السلطات اللبنانية مسؤولية الحفاظ على سلامة العاملين فيها، فإن مجمل هذا المناخ اعطى اشارات الى ان الانتكاسة في العلاقة بين لبنان ودول الخليج ما زالت بعيدة عن الاحتواء، مع ان بعضاً يعوّل على اللقاء المرتقب لخادم الحرمين الشريفين ورئيس الوزراء تمام سلام على هامش قمة إسطنبول الإسلامية منتصف الشهر الجاري.

وعلّق وزير الإعلام رمزي جريج عبر «الراي» على ما قررته «العربية» واقتحام مكاتب «الشرق الاوسط»، فاعتبر ان «قرار قفل مكتب (العربية) اتُخذ لذرائع أمنية، وأنا غير مقتنع بأن هناك أسباباً أمنية تحول دون وجودهم في لبنان، ولربما هناك أسباب متعلقة بموقفهم من الإعلام اللبناني وبسبب العلاقة المتوترة مع المملكة، ففيما اعتقدنا أن هذا التوتر بات وراءنا وتم إيضاح الموقف اللبناني المتضامن كل التضامن مع الإجماع العربي، يبدو أن هذا التوتر ما يزال موجوداً ونأمل أن يزول قريباً نتيجة الاتصالات الجارية».

واضاف: «أما بالنسبة إلى (الشرق الأوسط) فكاريكاتورها سمج، وفيه مساس برمز الوطن اللبناني، وليس فقط بالحكومة أو بفريق من القوى السياسية في لبنان، بل مساس بلبنان وطن الرسالة، ولذا أستهجن هذا الرسم وأجده سمجاً. أما من ناحية ردة الفعل التي حصلت واقتحام مكاتبها فأدينه بقدر ما أدنت الكاريكاتور، وستتم ملاحقة المعتدين، لأننا دولة قانون، والدولة تطبق القانون على الجميع».

وعمّا إذا كانت هناك اتصالات مع إدارة «الشرق الأوسط» لحل المشكلة، أجاب: «ما صار عندي وقت لأعمل أي اتصال».

عسيري: علاقتنا بلبنان أعمق من اختصارها برسم كاريكاتوري

| بيروت - «الراي» |

أعلن سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري أن «ردود الفعل التي لاحظناها على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الاعلام، على الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته صحيفة (الشرق الاوسط) حمّلت الموضوع اكثر من حجمه الطبيعي»، متمنياً على «الاشقاء اللبنانيين إبقاءه في اطاره الاعلامي البحت، حسبما اوضحته صحيفة (الشرق الاوسط) لئلا يصبح مادة للاستغلال من بعض الجهات التي تسعى الى تخريب علاقات لبنان باشقائه العرب».

وأكد عسيري ان «العلاقات الاخوية القائمة بين المملكة العربية السعودية ولبنان اعمق من ان تُختصر برسم كاريكاتوري، كما ان احترام المملكة للدولة اللبنانية ومؤسساتها وشعبها ليس بحاجة الى برهان، فمواقف القيادة السعودية التي تدعو الى وحدة الشعب اللبناني والحوار الوطني وتفعيل عمل المؤسسات واستعادة هيبة الدولة عبر المسارعة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعرفها القاصي والداني، ويعرف انها تنبع من حرص المملكة الدائم على سيادة لبنان واستقلاله وحضوره العربي الفعال».

«مجلس التعاون» يستنكر «الاعتداء الهمجي»: لا يُعبّر عن مواقف الشعب اللبناني الشقيق

الرياض - د ب أ - استنكر مجلس التعاون الخليجي «حادث الاعتداء الهمجي» الذي طال مكتب صحيفة «الشرق الأوسط» في بيروت، ووصفه بأنه «عمل جبان يتعارض مع الحرية الإعلامية التي تكفلها القوانين الدولية».

وقال الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف بن راشد الزياني في بيان له امس «إن هذا الاعتداء الجبان لا يعبر عن مواقف الشعب اللبناني الشقيق الذي يدرك تماما الدور الفاعل والمتميز الذي تقوم به صحيفة (الشرق الأوسط) في دعم لبنان إعلاميا، ومساندة حكومته في جهودها للمحافظة على أمن واستقرار لبنان وتحقيق تطلعات أبنائه في الحرية والكرامة والتنمية»، معربا عن ثقته «في قدرة الأجهزة الأمنية اللبنانية في كشف ملابسات هذا الاعتداء الإجرامي، والقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي