ردّت القضية إلى «أول درجة» وحددت 5 مايو موعداً لنظرها معتبرة الحكم بمثابة إعلان للخصوم

«التمييز» تعيد «جنسية أحمد الجبر» إلى المربع الأول: مرسوم سحبها ليس «سيادياً» بل إداري قابل للطعن

تصغير
تكبير
حكم «الاستئناف» بعدم اختصاص نظر الدعوى جانبه الصواب وخالف القانون

وجب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة لأنها حجبت نفسها عن نظر النزاع

قرارات الحكومة الإدارية يجب أن تصدر في إطار القانون المنظم لها وتلتزم ضوابطه وحدوده

استثناء القرارات الإدارية من الطعن يقتصر على منح الجنسية أو رفضه باعتبارها تتعلق بكيان الدولة
أعادت محكمة التمييز قضية سحب جنسية أحمد الجبر إلى نقطة البداية، عندما ألغت الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بتأييد قرار سحب الجنسية، وأعادت الدعوى إلى محكمة اول درجة لنظرها في جلسة 5 مايو المقبل، معتبرة حكمها بمثابة إعلان للخصوم.

وجاء في نص حكم محكمة التمييز أنه بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة، تبين ان الطعون استوفت اوضاعها الشكلية، وحيث ان الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق - تتحصل في ان الطاعن اقام على المطعون ضدهم بصفتهم الدعوى رقم (3253) لسنة 2014 اداري/‏9 بطلب الحكم، وفقا لتكييف محكمة اول درجة لطلباته - بالغاء المرسوم رقم (185) لسنة 2014 المتضمن سحب جنسيته الكويتية وجنسية من كسبها معه بطريق التبعية مع ما يترتب على ذلك من آثار اهمها رد جنسيته الكويتية له ولمن كسبها معه بطريق التبعية، مع تعويضه موقتا بمبلغ (5001 دينار) عن الاضرار المادية والادبية التي لحقت به من جراء ذلك القرار.


وقال نص الحكم إن الطاعن قال بياناً لدعواه انه مواطن كويتي حيث حصل والده على الجنسية الكويتية بتاريخ 19/‏8/‏1962 وتمت ولادته هو بتاريخ 8/‏2/‏1965، وبتاريخ 22/‏3/‏1983 استخرج شهادة الجنسية، كما تزوج من كويتية ورزق منها بأولاد اكتسبوا الجنسية الكويتية بالتبعية له، وقد فوجئ بتاريخ 22/‏7/‏2014 بصدور المرسوم المطعون فيه رقم (185) لسنة 2014 والمتضمن سحب جنسيته الكويتية وجنسية من كسبها معه بالتبعية فتظلم من هذا المرسوم بتاريخ 19/‏8/‏2014 الا انه لم يتلق رداً وهو ما حدا به لاقامة الدعوى بطلباته سالفة البيان ناعيا على ذلك المرسوم مخالفته للمادة (27) من الدستور والتي لا تجيز اسقاط الجنسية او، سحبها الا في حدود القانون. حكمت محكمة اول درجة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، واستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم (2315) لسنة 2014 اداري/‏4 وبتاريخ 22/‏3/‏2015 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعون الثلاثة الماثلة، واودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الراي بتمييز الحكم المطعون فيه، واذ عرضت الطعون على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - حددت جلسة لنظرها، وفيها ضمت الطعنين الثاني والثالث الى الاول للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، وصمم الطاعن على طلباته وطلب الحاضر عن المطعون ضدهم رفض الطعون، والتزمت النيابة رأيها.

وحيث ان مما ينعاه الطاعن في الطعون الثلاثة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول ان الحكم قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على سند من ان المرسوم المطعون فيه بسحب الجنسية الكويتية منه وممن اكتسبها بالتبعية له يعد عملاً من اعمال، السيادة اتخذته الحكومة بصفتها سلطة حكم وليست سلطة إدارة، كما انه جاء إعملاً لما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة الاولى من القانون رقم (20) لسنة 1981 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الادارية والمعدل بالقانون رقم (61) لسنة 1982 من استبعاد القرارات الصادرة في مسائل الجنسية من اختصاص تلك الدائرة، حال ان المادة 27 من الدستور نصت على ان «الجنسية الكويتية يحددها القانون ولايجوز اسقاط الجنسية او سحبها الا في حدود القانون، وضمان تطبيق ذلك لا يتأتى الا من خلال اعطاء القضاء حق مراقبة مدى مشروعية تلك القرارات الادارية واستظهار مدى انضباطها داخل أطر المشروعية الحاكمة، كما ان المادة 166 من الدستور كفلت حق التقاضي للناس، وفي حجب القضاء ومنعه من الفصل في بعض المسائل اهدار لذلك الحق، وبالتالي يتعين تفسير ما ورد بالفقرة الخامسة من المادة الاولى سالفة الذكر من استبعاد القرارات الصادرة في مسائل الجنسية من اختصاص هذه الدائرة بانه خاص بمنح الجنسية لمن تتوافر فيه شروط التجنيس او حجبها عنه باعتبار ان هذين الامرين يتسمان بطابع سياسي يترتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من ينضم الى جنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فانه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.

وحيث ان هذا النعي في محله، ذلك ان النص في المادة 166 من الدستور على ان «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الاجراءات والاوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق» وفي المادة 169 على ان «ينظم القانون الفصل في الخصومات الادارية بواسطة غرفة او محكمة خاصة يبين القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء الاداري شاملاً ولاية الالغاء وولاية التعويض بالنسبة الى القرارات الادارية المخالفة للقانون، والنص في المادة (1) من المرسوم بالقانون رقم (20) لسنة 1981 بانشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الادارية والمعدل بالقانون رقم (61) لسنة 1982 على ان «تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة ادارية...، وتختص من دون غيرها بالمسائل الآتية، وتكون لها فيها ولاية قضاء الالغاء والتعويض: (اولا)... (خامسا) الطلبات التي يقدمها الافراد اوالهيئات بالغاء القرارات الادارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية واقامة وابعاد غير الكويتيين وتراخيص اصدار الصحف والمجلات ودور العبادة يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على ان الأصل الدستوري هو ان حق التقاضي مكفول للناس كافة، فيكون لكل ذي شأن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي بما في ذلك الطعن على القرارات الادارية النهائية واخضاعها لرقابة القضاء، لذلك كان الأصل في حق التقاضي هو خضوع الاعمال والقرارات الادارية لرقابة القضاء وحظر تحصين اي منها من هذه الرقابة وان وجد هذا الحظر فهو استثناء وقيد على اصل الحق فلا يجوز التوسع في تفسيره او القياس عليه بما يمحو الاصل او يجور عليه او يعطله او يتغول عليه، فيقتصر اثرة على الحالات وفي الحدود التي وردت به.

لما كان ذلك، وكان المشرع إعمالاً لنص المادتين 166 و169 من الدستور سالفتي البيان قد أنشأ بالقانون رقم (20) لسنة 1982 دائرة إدارية بالمحكمة الكلية تختص دون غيرها بنظر المنازعات الإدارية المبينة به، وكان النص في البند (خامساً) من المادة (1) من هذا القانون سالفة البيان، بعد أن قرر الأصل العام في إجازة طعن الأفراد والهيئات في القرارات الادارية النهائية الصادرة في شأنهم استثنى من ذلك بعض القرارات الادارية ومنها القرارات الصادرة في مسائل الجنسية، وكان هذا الاستثناء يعد قيداً على حق التقاضي لما ينطوي عليه من حرمان ذوي الشأن من اللجوء الى القضاء والطعن على القرارات الادارية الصادرة في مسائل الجنسية وباعتبار أن حق التقاضي هو وسيلة حمايتها وضمان فاعليتها، والأصل فيه - كما سبق القول - خضوع الأعمال والقرارات الادارية لرقابة القضاء، ولذلك فإن هذا الاستثناء يتعين قصر نطاقه على القرارات المتعلقة بمنح الجنسية أو رفض منحها باعتبار أنها ترتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من يتمتع بجنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره في هذا الشأن وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، ومما يؤكد هذا النظر أن المادة 27 من الدستور الكويتي قد نصت على أن (الجنسية الكويتية يحددها القانون ولا يجوز اسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدود القانون) وهذا الأمر لا يتأتى تحققه إلا بالرقابة القضائية على عمل الإدارة، ومن ثم يجوز له الطعن عليها إلغاءً وتعويضاً أمام الدائرة الادارية بالمحكمة الكلية.

ولا محل للقول إن القرار الصادر في هذا الشأن يعد عملاً من أعمال السيادة التي لا يجوز للمحاكم نظرها وفقاً لنص المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بالقانون رقم (23) لسنة 1990، ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمال السيادة التي نص عليها في المادة سالفة الذكر وإنما ترك أمر تحديدها اكتفاءً بإعلان مبدأ وجودها، ومن ثم تكون المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من الحكومة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة من عدمه، وتخضع محكمة الموضوع في تكييفها هذا لرقابة محكمة التمييز، وأنه وإن كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها إلا أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنها القرارات التي تصدرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم وليس بصفتها سلطة إدارة، وتصدر في إطار وظيفتها السياسية كسلطة عليا تتخذ ما ترى فيه أمن الوطن وسلامته وللمحافظة على سيادة الدولة وكيانها ووحدتها الوطنية، أما القرارات الادارية التي تصدرها بصفتها سلطة إدارة فإنها يجب أن تصدر في إطار القانون المنظم لها وتلتزم ضوابطه وحدوده وتخضع بالتالي لرقابة القضاء.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يحمل الجنسية الكويتية ومن ثم فإن دعواه لا تتعلق بطلب منحه الجنسية الكويتية أو إلغاء قرار منعها عنه كما أن المرسوم المطعون فيه بسحب جنسيته لا يعد عملاً من أعمال السيادة على النحو الموضوع سلفاً ومن ثم يخرج عن نطاقها ويكون عملاً من أعمال الإرادة التي تخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضاً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم اختصاصه ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة لبحث بقية أسباب الطعون.

وحيث إنه عن موضوع الاستئناف رقم (2315) لسنة 2014 إداري، ولما تقدم، وكان الحكم المستأنف قد قضى بعدم اختصاص المحكمة الكلية ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد جانبه الصواب وخالف القانون بما يتعين إلغاؤه، ولما كانت محكمة أول درجة لم تستنفد ولايتها وحجبت نفسها عن نظر النزاع فإنه يتعين إعادتها إليها للفصل فيها وذلك عملاً بالمادة (156) من قانون المرافعات.

لذلك حكمت المحكمة: أولاً: بقبول الطعون الثلاثة شكلاً، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم المصروفات وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة.

ثانياً: في الاستئناف رقم (2315) لسنة 2014 إداري، بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى الى محكمة أول درجة لنظرها بجلسة 5 /‏5/‏ 2016 واعتبرت النطق بهذا الحكم إعلاناً للخصوم
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي