تحقيق / المنظمة العالمية أكّدت أن كلفة الغذاء عند أدنى مستوى منذ 7 أعوام!

المستهلكون ورخص الأسعار: «روح يا عم ... فاو مين اللي إنت جاي تقول عليه»

u062du0633u0627u0628u0627u062a u062du0642u0648u0644 u00abu0641u0627u0648u00bb u0644u0627 u062au0637u0627u0628u0642 u0628u064au0627u062fu0631 u0627u0644u0645u0633u062au0647u0644u0643u064au0646
حسابات حقول «فاو» لا تطابق بيادر المستهلكين
تصغير
تكبير
الغلاء ينعكس بشكل تلقائي على قيمة الدعوم الحكومية

فاتورة الاحتياجات الشهرية قفزت نحو 30 في المئة

المستهلكون باتوا يلجأون إلى تقليص مشترياتهم لخفض التكلفة

علبة الحليب وحدها زادت نحو 3 دنانير خلال 3 سنوات!

الرواتب عند المستوى نفسه فيما الإيجارات والأسعار تزيد

«الإحصاء»: ارتفاع الأرقام القياسية للأسعار بمعدل 3.25 في المئة

مراقبون: الارتفاع الحاصل غير منطقي مع انخفاض النفط

غالبية المواد مستوردة من الخارج ... وكلفة الاستيراد تتراجع
قبل أيام قليلة، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، تقريراً تقول فيه إن أسعار الغذاء انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 7 أعوام !

وفي سياق التقرير نفسه، أكدت «فاو» أن أسعار الغذاء شهدت استقراراً خلال شهر فبراير الماضي، بعد أن بدّد ارتفاع أسعار الزيوت النباتية واللحوم، تأثير هبوط أسعار الحبوب والسكر ومنتجات الألبان !


أمام هذه المعلومات كان لابدّ أن نقوم بجولة على الجمعيات الاستهلاكية لاستشراف آراء الناس بخصوص ما ورد في تقرير «فاو»، وهل لمس هؤلاء فعلاً أي انخفاض في أي من أسعار المواد الغذائية كما تقول المنظمة العالمية.

البداية كانت مع أبي كريم (رب أسرة مؤلفة من 6 أشخاص)، الذي نفى نفياً قاطعاً أن تكون أسعار المواد الغذائية قد شهدت أي انخفاض، وإنما على العكس، يؤكد الرجل بأن الأسعار سجلت ارتفاعاً غير مسبوق خلال السنوات الثلاث الماضية.

ويوضح أبو كريم أن قيمة فاتورة الاحتياجات، التي يتبضعها شهرياً قفزت بنسبة تصل إلى 30 في المئة تقريباً خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن التغير الكبير ناجم عن غلاء الخضراوات بكافة أنواعها إلى جانب زيادة أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء وغيرها.

بدوره، يتهكم حسين (وافد مصري) خلال حديثه لـ «الراي» على تقرير «فاو»، قائلاً «روح يا عم (فاو) ايه... ورخص ايه اللي إنت جاي تقول عليه»، مشدداً على أن الأسعار آخذة في الزيادة بشكل جنوني.

ويقول حسين إن الأسعار «بئت نار»، معترفاً أنه بات يلجأ أخيراً إلى تقليص الكميات التي كان يشتريه سابقاً بهدف الإبقاء على الفاتورة الشهرية عند المبلغ والقيمة المحددة لها من إجمالي دخله (لا يتجاوز 600 دينار)، موضحاً «لا أملك أي خيار آخر، فبدلاً من شراء 4 كيلو من هذا الصنف أو ذاك، أشتري 2 إلى 3 فقط، وهكذا».

من جهته، يتفق أبو محمد ما جاء على لسان أسلافه، ضارباً مثلاً علبة حليب الأطفال، إذ يؤكد أن سعر علبة الحليب وحده قفز أكثر من 50 في المئة، فقد كانت بخمسة دنانير فقط قبل نحو 3 أعوام، بينما أصبح سعرها اليوم يقترب من 8 دنانير، قائلاً «لا أعرف كيف ولماذا ؟».

ويروي أبو محمد أنه يرصد ما بين 90 إلى 100 دينار شهرياً لتأمين احتياجات المنزل المختلفة، لافتاً إلى المبلغ بقي كما هو، إلا أن الكمية التي كان يشتريه بالمبلغ نفسه تقلصت بشكل واضح. يشير الرجل الذي يتقاضي 700 دينار إلى أن «المدخول يوازي المصروف تماماً، وأحياناً قد أضطر للاستدانة لاسيما وأن إيجار الشقة ارتفع، وأسعار المواد الغذائية وغير الغذائية ارتفع هو الآخر». أما أم آدم (سيدة لبنانية)، فتقول من ناحيتها «لم أكن يوماً أنظر إلى ثمن المنتج، ولكن هذا الأمر بات من الماضي، فاليوم أتفحص السعر جيداً، وأقوم بمقارنته مع منتجات أخرى على أن أشتري الأرخص في نهاية المطاف، بصرف النظر عن النوعية».

وتشير السيدة التي تعمل مندوبة مبيعات في إحدى الشركات إلى الاحتياجات الشهرية تستهلك أكثر من 20 في المئة من راتبها الذي لا يتجاوز 450 ديناراً، مبينة أنها تعمل لتعيل زوجها في دفع إيجار ومصروف المنزل إلى جانب أقساط المدارس (2 من أبنائها في المدرسة) وغيرها من المصاريف.

وعلى غرار أم آدم، ترى إيمان أن تقرير «فاو» يتحدث عن بلد وربما كوكب آخر، وليس عن الكويت بالتأكيد، فالأسعار لم تستقر وإنما ارتفعت بشكل جنوني، قائلة «الزيت والسكر والأرز واللحمة والخضار والفواكهة، كل شيء زاد سعره، ولم يبق أي من أسعار السلع على حاله».

في المقابل، تبين إيمان أن الأسوأ من ذلك كله، ليس ارتفاع الأسعار فحسب، وإنما بقاء الرواتب عند المستوى نفسه من دون أي زيادة تواكب غلاء الأسعار وزيادة الإيجارات، ما يعني أن القدرة الشرائية تضعف وتتآكل.

مراقبون

من جهتهم، يتوقف مراقبون وخبراء اقتصاديون عند ظاهرة الغلاء، معتبرين أن الارتفاع الحاصل في الأسعار غير منطقي في ظل انخفاض أسعار النفط منذ عامين تقريباً.

ويستند هؤلاء في رأيهم هذا على أن غالبية المواد الغذائية وغير الغذائية في السوق المحلي، مستوردة من الخارج، في وقت تقلصت كلفة الاستيراد على وقّع تهاوي أسعار النفط.

ويرى هؤلاء أن هناك حلقة مفقودة، مشيرين إلى أنه إذا لم تنخفض أسعار المواد مع تراجع كلفة الاستيراد، فعلى الأقل كان ينبغي أن تبقى عند الحد الذي كانت عليه قبل 3 سنوات، بدلاً من أن ترتفع.

ويؤكد هؤلاء أن ارتفاع الأسعار يطال المواطن والوافد على حد سواء، وهو ينعكس بشكل تلقائي على إجمالي فاتورة الدعوم الحكومية، إذ إن الدولة مضطرة لرفع قيمة الدعم على المواد المختلفة بهدف تغطية الفارق الملحوظ في الأسعار.

تقرير الإحصاء

بالعودة إلى تقارير إدارة الإحصاء في شأن ارتفاع الأسعار، يتبين أن الأرقام الواردة فيه تناقض إلى حد كبير ما جاء في تقرير»فاو»، فالأسعار ترتفع من شهر لآخر، ولو بشكل طفيف.

وفي هذا الإطار، أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء، ارتفاع الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين (التضخم) في الكويت بمعدل 3.25 في المئة خلال يناير الماضي، مقارنة بالشهر ذاته عام 2015.

وقالت الإدارة في تقريرها الشهري، إن معدل التضخم في البلاد ارتفع خلال شهر يناير الماضي عن مستوياته المسجلة في ديسمبر الماضي على أساس شهري بنسبة 0.14 في المئة. وأضافت، أن الرقم القياسي الشهري لأسعار المستهلكين شهد خلال يناير الماضي، ارتفاعاً في 6 من مجموعاته الرئيسية المؤثرة في حركة الأرقام القياسية، واستقراراً في 6 مجموعات أخرى، دون أن يسجل انخفاضاً في أي من المجموعات الفرعية. وذكرت أن الرقم القياسي للمجموعة الرئيسية الأولى، أي (الأغذية والمشروبات) ارتفع في يناير الماضي بنسبة 5.1 في المئة، مقارنة بالشهر ذاته من سنة 2015، في وقت شهدت المجموعة ارتفاعاً على أساس شهري قدره 0.19 في المئة، موضحة أن أسعار 5 مجموعات فرعية شهدت ارتفاعاً ضمن مجموعة «الأغذية والمشروبات» على أساس شهري، في حين شهدت انخفاضاً في أربع مجموعات واستقراراً في مجموعة واحدة.

ولفتت إلى ارتفاع الرقم القياسي لسعر المستهلك للمجموعة الرئيسية الثانية (السجائر والتبغ) خلال يناير الماضي بنسبة 1.33 في المئة على أساس سنوي، واستقراراً على أساس شهري.

كما أشارت إلى انخفاض الرقم القياسي للمجموعة الثالثة (الكساء وملبوسات القدم) في يناير الماضي بنسبة 0.23 في المئة على أساس سنوي، وارتفاعها على أساس شهري بنسبة 0.23 في المئة، في حين ارتفع معدل التضخم في المجموعة الرابعة (خدمات المسكن) بنسبة 5.95 في المئة على أساس سنوي. وفي المجموعة الخامسة أي المفروشات المنزلية ومعدات الصيانة، فقد ارتفع بنسبة 2.63 في المئة على أساس سنوي، بينما شهدت المجموعة السادسة (الصحة) ارتفاعاً في معدل التضخم خلال يناير الماضي بنسبة 1.49 في المئة على أساس سنوي، كما سجلت ارتفاعاً بنسبة 0.31 في المئة على أساس شهري.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي